) تدريب المتعلم على التفكير العلمي بدلًا من الظن والهوى:
في القرآن توجيهات متكررة للحث على التفكير العلمي والتدريب عليه، فهو يدعو إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام، قبل استكمال المعلومات اللازمة والتعرف على الحقيقة مكتملة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
وهو يحث على طلب الدليل في كل اعتقاد والتوجيهات في ذلك كثيرة، منها: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} [الكهف: 15].
كذلك يدعو إلى التثبت في كل أمر، قبل الحكم علية بالقبول أو الرفض، وينهى عن تبديد الطاقات السمعية والبصرية والعقلية في أمور لم تتوفر لها الأدلة العلمية الكافية: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].
وفي المقابل ينهى القرآن عن اتباع الظن، ويندد بأهله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: 23]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28]، وفي الحديث: (إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث) [متفق عليه، رواه البخاري، (5143)، ومسلم، (6701)].
والتفكير العلمي ـ في التربية الإسلامية ـ لا يقتصر على أماكن الدرس ومختبرات البحث، وإنما هو صفة لازمة للإنسان في الحياة اليومية، والعلاقات الشخصية والعامة، والمواقف الودية والعدائية.
والواقع أن ما يميز الفكر المتقدم والمجتمعات المتقدمة، عن الفكر المتخلف والمجتمعات المتخلفة، هو أن التفكير العلمي صفة أساسية في الأولى، بينما التفكير القائم على الظن والهوى صفة ملازمة للثانية، ولقد أدركت المؤسسات التربوية الدولية ضرورة التفكير العلمي للإنسان المعاصر، الذي يتطلع للتغلب على التحديات، التي أفرزها التطور الهائل في التكنولوجيا، وانهيار الحدود الثقافية والاجتماعية بين المجموعات البشرية ـ في قرية الكرة الأرضية ـ ولقد ورد في تقرير اللجنة الدولية التي كونتها منظمة التربية الثقافية والعلوم "اليونسكو" لدراسة أوضاع التربية في العالم، وتقديم التوصيات بشأن تربية المستقبل: أن الإنسان العلمي، الذي يستعمل التفكير العلمي في كل مكان وفي كل موقف، دون التأثر بالإفرازات العرقية أو الطائفية أو القبلية، أصبح ضرورة كضرورات الحياة المادية، ولوازم المعيشة اليومية.
(5) تدريب المتعلم على التفكير الجماعي بدلًا من التفكير الفردي:
في القرآن الكريم والسنة الشريفة توجيهات وتطبيقات متكررة، هدفها تدريب الإنسان على التفكير الجماعي، الذي يربط مصير الفرد بالجماعة، ومصير الجماعة بالفرد، ويجعل تبادل الرعاية بين الطرفين صفة لازمة للمجتمع الراقي.
والتوجيهات المتعلقة بهذا الشأن كثيرة جدًّا، من ذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته) [متفق عليه، رواه البخاري، (7138)، ومسلم، (4828)]، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [متفق عليه، رواه البخاري، (6011)، ومسلم، (6751)].
ويلحق بذلك تضافر التفكير الجماعي، ليتجسد في مبدأ الشورى، والمسئولية الجماعية عن سلامة المجتمع.
(6) تدريب المتعلم على التفكير السنني بدلًا من التفكير الخرافي أو التفكير الخوارقي:
التفكير الذي يشدد عليه القرآن، ويكرر لفت الانتباه إليه هو التفكير الذي يعتبر الكون والاجتماع البشري تسيره سنن ـ أي قوانين ـ إلهية معينة، وأن التعايش مع عناصر الكون والنجاح في مجرى الاجتماع البشري، إنما يعتمدان على موافقة هذه السنن والقوانين في ميادين الحياة المختلفة.
وبقدر ما ينجح الإنسان في الكشف عن هذه السنن والقوانين، وفي حسن استخدامها والتوافق معها؛ بقدر ما يستطيع تسخير الكون والاجتماع البشري، لتحقيق المقصودين النهائيين للتربية الإسلامية؛ وهما: بقاء النوع البشري ورقيه خلال أطوار النشأة والحياة والمصير.
أما التفكير الخرافي الذي اتسمت به أطوار الطفولة البشرية _ منذ ولادة عهد الانحراف العقدي والفكري_، والذي كان يتوهم الهيمنة والفاعلية في قوى موهومة وأرواح مخترعة، جسَّدَها التصور البشري آنذاك بأشكال الصنمية والوثنية ورموزها المختلفة، فهذه لابد وأن تكون التربية الإسلامية على حذر دائم من مظاهرها وآثارها في اغتصاب القدرات العقلية، وآثارها المدمرة في السلوك والاجتماع.
كذلك توجه نصوص الوحيين إلى ضرورة التحرر من التفكير الخوارقي، الذي يعفي الإنسان من مسئولياته في التغيير والعمل، وينتظر حدوث الخوارق والمعجزات الإلهية ـ في تحقيق حاجاته وحل مشكلاته، فهذه الخوارق ـ وإن حدثت في عهود سابقة وفي مواقف محددة، إلا أنها ظواهر تاريخية، مضت وخُتمت بختم النبوة والرسالة، وانتقال البشرية إلى طور الرشد، الذي حددت بداياته وملامحه خاتمة الرسالات: رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، والذي قام جهاده أساسًا على الجهود البشرية العادية، وإحكام تعبئة القدرات البشرية المألوفة، ومراعاة السنن والقوانين الإلهية في جميع الشئون: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43].
ثالثًا ـ أنواع التفكير:
أما عن القسم الثالث لمنهج التفكير السليم، فهو أنواع التفكير؛ والتي تتضمن ما يلي:
(1) التفكير المنطقي أو التحليلي: وهو يختص بالنظر في معاني الرموز، التي تدور حول العلائق والأسباب والنتائج؛ مثل التفكير الرياضي والتفكير الفلسفي، ويمارس عمله في ضوء مجموعة من القوانين والنظريات.
(2) التفكير التجريبي: وهو يختص بالموضوعات التي تدور حول الحقائق المتعلقة بعناصر الكون المحسوس؛ مثل التفكير الفيزيائي والكيميائي، ويقوم بإصدار الأحكام في ضوء الخبرات البشرية المحسوسة بعناصر الكون ومحتوياته.
(3) التفكير الأخلاقي: وهو يهتم بالتقريرات التي تفاضل بين المواقف والأعمال وتقومها, ويصدر أحكامه إزاءها من حيث صلاحها، أو فسادها، وخيرها، أو شرها في ضوء عقائد ومبادئ معينة.
(4) التفكير الجمالي: وهو يهتم بالتقريرات التي تفاضل بين الأشياء والمواقف والأعمال والمنتجات، ويقوِّمها ويصدر أحكامه إزاءها من حيث جمالها أو قبحها في ضوء معايير جمالية معينة.
ونحن اليوم عندما أهملنا تدريب الناشئة على التفكير الجمالي ـ مثلًا ـ ساد القبح في حياتنا واستشرى في شوارعنا وملبسنا وعاداتنا ... إلخ.
لأننا أهملنا غرس القيم الجمالية في النفوس منذ الصغر، مع أن الإسلام حرص على تنمية الذوق في حس المسلم في طعامه وشرابه وتعاملاته ... إلخ، كما حرص على غرس القيم الجمالية؛ كالحث على لبس البياض، والاهتمام بالنظافة الشخصية وسنن الفطرة ... إلخ.
والواقع أننا اليوم في أشد الاحتياج إلى تنمية القدرات العقلية في مجال التربية؛ إذ أننا ركزنا على جانب القلب والعاطفة ـ برغم اعترافنا بأهميته ـ على حساب العقل؛ مما أدى إلى ضمور النواحي الإبداعية والتي ساهمت بشكل مؤثر في تخلف قطار التنمية.
فنهضة أوروبا بدأت بإصلاح العقل وتغيير طرق التفكير، فهل يمكننا الاستدراك وإصلاح مناهج تفكيرنا في ضوء الملامح الكلية للتربية الإسلامية؟!
في القرآن توجيهات متكررة للحث على التفكير العلمي والتدريب عليه، فهو يدعو إلى عدم التسرع في إصدار الأحكام، قبل استكمال المعلومات اللازمة والتعرف على الحقيقة مكتملة:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
وهو يحث على طلب الدليل في كل اعتقاد والتوجيهات في ذلك كثيرة، منها: {هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} [الكهف: 15].
كذلك يدعو إلى التثبت في كل أمر، قبل الحكم علية بالقبول أو الرفض، وينهى عن تبديد الطاقات السمعية والبصرية والعقلية في أمور لم تتوفر لها الأدلة العلمية الكافية: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].
وفي المقابل ينهى القرآن عن اتباع الظن، ويندد بأهله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: 23]، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28]، وفي الحديث: (إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث) [متفق عليه، رواه البخاري، (5143)، ومسلم، (6701)].
والتفكير العلمي ـ في التربية الإسلامية ـ لا يقتصر على أماكن الدرس ومختبرات البحث، وإنما هو صفة لازمة للإنسان في الحياة اليومية، والعلاقات الشخصية والعامة، والمواقف الودية والعدائية.
والواقع أن ما يميز الفكر المتقدم والمجتمعات المتقدمة، عن الفكر المتخلف والمجتمعات المتخلفة، هو أن التفكير العلمي صفة أساسية في الأولى، بينما التفكير القائم على الظن والهوى صفة ملازمة للثانية، ولقد أدركت المؤسسات التربوية الدولية ضرورة التفكير العلمي للإنسان المعاصر، الذي يتطلع للتغلب على التحديات، التي أفرزها التطور الهائل في التكنولوجيا، وانهيار الحدود الثقافية والاجتماعية بين المجموعات البشرية ـ في قرية الكرة الأرضية ـ ولقد ورد في تقرير اللجنة الدولية التي كونتها منظمة التربية الثقافية والعلوم "اليونسكو" لدراسة أوضاع التربية في العالم، وتقديم التوصيات بشأن تربية المستقبل: أن الإنسان العلمي، الذي يستعمل التفكير العلمي في كل مكان وفي كل موقف، دون التأثر بالإفرازات العرقية أو الطائفية أو القبلية، أصبح ضرورة كضرورات الحياة المادية، ولوازم المعيشة اليومية.
(5) تدريب المتعلم على التفكير الجماعي بدلًا من التفكير الفردي:
في القرآن الكريم والسنة الشريفة توجيهات وتطبيقات متكررة، هدفها تدريب الإنسان على التفكير الجماعي، الذي يربط مصير الفرد بالجماعة، ومصير الجماعة بالفرد، ويجعل تبادل الرعاية بين الطرفين صفة لازمة للمجتمع الراقي.
والتوجيهات المتعلقة بهذا الشأن كثيرة جدًّا، من ذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته) [متفق عليه، رواه البخاري، (7138)، ومسلم، (4828)]، (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو؛ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [متفق عليه، رواه البخاري، (6011)، ومسلم، (6751)].
ويلحق بذلك تضافر التفكير الجماعي، ليتجسد في مبدأ الشورى، والمسئولية الجماعية عن سلامة المجتمع.
(6) تدريب المتعلم على التفكير السنني بدلًا من التفكير الخرافي أو التفكير الخوارقي:
التفكير الذي يشدد عليه القرآن، ويكرر لفت الانتباه إليه هو التفكير الذي يعتبر الكون والاجتماع البشري تسيره سنن ـ أي قوانين ـ إلهية معينة، وأن التعايش مع عناصر الكون والنجاح في مجرى الاجتماع البشري، إنما يعتمدان على موافقة هذه السنن والقوانين في ميادين الحياة المختلفة.
وبقدر ما ينجح الإنسان في الكشف عن هذه السنن والقوانين، وفي حسن استخدامها والتوافق معها؛ بقدر ما يستطيع تسخير الكون والاجتماع البشري، لتحقيق المقصودين النهائيين للتربية الإسلامية؛ وهما: بقاء النوع البشري ورقيه خلال أطوار النشأة والحياة والمصير.
أما التفكير الخرافي الذي اتسمت به أطوار الطفولة البشرية _ منذ ولادة عهد الانحراف العقدي والفكري_، والذي كان يتوهم الهيمنة والفاعلية في قوى موهومة وأرواح مخترعة، جسَّدَها التصور البشري آنذاك بأشكال الصنمية والوثنية ورموزها المختلفة، فهذه لابد وأن تكون التربية الإسلامية على حذر دائم من مظاهرها وآثارها في اغتصاب القدرات العقلية، وآثارها المدمرة في السلوك والاجتماع.
كذلك توجه نصوص الوحيين إلى ضرورة التحرر من التفكير الخوارقي، الذي يعفي الإنسان من مسئولياته في التغيير والعمل، وينتظر حدوث الخوارق والمعجزات الإلهية ـ في تحقيق حاجاته وحل مشكلاته، فهذه الخوارق ـ وإن حدثت في عهود سابقة وفي مواقف محددة، إلا أنها ظواهر تاريخية، مضت وخُتمت بختم النبوة والرسالة، وانتقال البشرية إلى طور الرشد، الذي حددت بداياته وملامحه خاتمة الرسالات: رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، والذي قام جهاده أساسًا على الجهود البشرية العادية، وإحكام تعبئة القدرات البشرية المألوفة، ومراعاة السنن والقوانين الإلهية في جميع الشئون: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43].
ثالثًا ـ أنواع التفكير:
أما عن القسم الثالث لمنهج التفكير السليم، فهو أنواع التفكير؛ والتي تتضمن ما يلي:
(1) التفكير المنطقي أو التحليلي: وهو يختص بالنظر في معاني الرموز، التي تدور حول العلائق والأسباب والنتائج؛ مثل التفكير الرياضي والتفكير الفلسفي، ويمارس عمله في ضوء مجموعة من القوانين والنظريات.
(2) التفكير التجريبي: وهو يختص بالموضوعات التي تدور حول الحقائق المتعلقة بعناصر الكون المحسوس؛ مثل التفكير الفيزيائي والكيميائي، ويقوم بإصدار الأحكام في ضوء الخبرات البشرية المحسوسة بعناصر الكون ومحتوياته.
(3) التفكير الأخلاقي: وهو يهتم بالتقريرات التي تفاضل بين المواقف والأعمال وتقومها, ويصدر أحكامه إزاءها من حيث صلاحها، أو فسادها، وخيرها، أو شرها في ضوء عقائد ومبادئ معينة.
(4) التفكير الجمالي: وهو يهتم بالتقريرات التي تفاضل بين الأشياء والمواقف والأعمال والمنتجات، ويقوِّمها ويصدر أحكامه إزاءها من حيث جمالها أو قبحها في ضوء معايير جمالية معينة.
ونحن اليوم عندما أهملنا تدريب الناشئة على التفكير الجمالي ـ مثلًا ـ ساد القبح في حياتنا واستشرى في شوارعنا وملبسنا وعاداتنا ... إلخ.
لأننا أهملنا غرس القيم الجمالية في النفوس منذ الصغر، مع أن الإسلام حرص على تنمية الذوق في حس المسلم في طعامه وشرابه وتعاملاته ... إلخ، كما حرص على غرس القيم الجمالية؛ كالحث على لبس البياض، والاهتمام بالنظافة الشخصية وسنن الفطرة ... إلخ.
والواقع أننا اليوم في أشد الاحتياج إلى تنمية القدرات العقلية في مجال التربية؛ إذ أننا ركزنا على جانب القلب والعاطفة ـ برغم اعترافنا بأهميته ـ على حساب العقل؛ مما أدى إلى ضمور النواحي الإبداعية والتي ساهمت بشكل مؤثر في تخلف قطار التنمية.
فنهضة أوروبا بدأت بإصلاح العقل وتغيير طرق التفكير، فهل يمكننا الاستدراك وإصلاح مناهج تفكيرنا في ضوء الملامح الكلية للتربية الإسلامية؟!