جَدِيدَةً .
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ : أَنَا أَنْظُرُ فِي الرِّسَالَةِ مِنْ خَمْسِينَ سَنَةٍ ، مَا أَعْلَمُ أَنِّي نَظَرْتُ فِيهَا مَرَّةً إلَّا ، وَاسْتَفَدْتُ شَيْئًا لَمْ أَكُنْ عَرَفْتُهُ .
وَاشْتَهَرَتْ جَلَالَةُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعِرَاقِ ، وَسَارَ ذِكْرُهُ فِي الْآفَاقِ ، وَأَذْعَنَ بِفَضْلِهِ الْمُوَافِقُونَ ، وَالْمُخَالِفُونَ ، وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ الْعُلَمَاءُ أَجْمَعُونَ ، وَعَظُمَتْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ ، وَوُلَاةِ الْأُمُورِ مَرْتَبَتُهُ ، وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُمْ جَلَالَتُهُ ، وَإِمَامَتُهُ ، وَظَهَرَ مِنْ فَضْلِهِ فِي مُنَاظَرَاتِهِ أَهْلَ الْعِرَاقِ ، وَغَيْرَهُمْ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ ، وَأَظْهَرَ مِنْ بَيَانِ الْقَوَاعِدِ ، وَمُهِمَّاتِ الْأُصُولِ مَا لَا يُعْرَفُ لِسِوَاهُ ، وَامْتُحِنَ فِي مَوَاطِنَ بِمَا لَا يُحْصَى مِنْ الْمَسَائِلِ ، فَكَانَ جَوَابُهُ فِيهَا مِنْ الصَّوَابِ ، وَالسَّدَادِ بِالْمَحِلِّ الْأَعْلَى ، وَالْمَقَامِ الْأَسْمَى ، وَعَكَفَ عَلَيْهِ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْهُ الصِّغَارُ ، وَالْكِبَارُ ، وَالْأَئِمَّةُ ، وَالْأَخْيَارُ ، مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَالْفِقْهِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَرَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ عَنْ مَذَاهِبَ كَانُوا عَلَيْهَا إلَى مَذْهَبِهِ ، وَتَمَسَّكُوا بِطَرِيقَتِهِ ، كَأَبِي ثَوْرٍ ، وَخَلَائِقَ لَا يُحْصَوْنَ ، وَتَرَكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْأَخْذَ عَنْ شُيُوخِهِمْ ، وَكِبَارِ الْأَئِمَّةِ ، لِانْقِطَاعِهِمْ إلَى الشَّافِعِيِّ لَمَّا رَأَوْا عِنْدَهُ مَا لَا يَجِدُونَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ ، وَبَارَكَ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهُ ، وَلَهُمْ فِي تِلْكَ الْعُلُومِ الْبَاهِرَةِ ، وَالْمَحَاسِنِ الْمُتَظَاهِرَةِ ، وَالْخَيْرَاتِ الْمُتَكَاثِرَةِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ ، وَعَلَى سَائِرِ نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى .
وَصَنَّفَ فِي الْعِرَاقِ كِتَابَهُ الْقَدِيمِ ، وَيُسَمَّى كِتَابَ الْحُجَّةِ ، وَيَرْوِيهِ عَنْهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ جُلَّةِ أَصْحَابِهِ ، وَهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَالزَّعْفَرَانِيّ ، ، وَالْكَرَابِيسِيُّ .
ثُمَّ خَرَجَ إلَى مِصْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ ، وَمِائَةٍ .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى : قَدِمَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ مِصْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ ، وَقَالَ الرَّبِيعُ : سَنَةَ مِائَتَيْنِ ، وَلَعَلَّهُ قَدِمَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَصَنَّفَ كُتُبَهُ الْجَدِيدَةَ كُلَّهَا بِمِصْرَ ، وَسَارَ ذِكْرُهُ فِي الْبُلْدَانِ ، وَقَصَدَهُ النَّاسُ مِنْ الشَّامِ ، وَالْعِرَاقِ ، وَالْيَمَنِ ، وَسَائِرِ النَّوَاحِي لِلْأَخْذِ عَنْهُ ، وَسَمَاعِ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ ، ، وَأَخْذِهَا عَنْهُ ، وَسَادَ أَهْلَ مِصْرَ ، وَغَيْرَهُمْ ، وَابْتَكَرَ كُتُبًا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا ، مِنْهَا أُصُولُ الْفِقْهِ ، وَمِنْهَا كِتَابُ الْقَسَامَةِ ، وَكِتَابُ الْجِزْيَةِ ، وَقِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ ، وَغَيْرُهَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّازِيّ فِي كِتَابِهِ ( مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ ) : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَمْدَانَ بْنِ سُفْيَانَ الطَّرَائِفِيَّ الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ : حَضَرْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَوْمًا ، وَقَدْ حَطَّ عَلَى بَابِ دَارِهِ سَبْعُمِائَةِ رَاحِلَةٍ فِي سَمَاعِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
--------------------------------------------------------------------------------
آخر تحرير بواسطة الحجاز : 12/07/03 الساعة 03 :30 03:30:41 PM.
الحجاز
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الحجاز
البحث عن كافة المشاركات بواسطة الحجاز
#3 12/07/03, 03 :35 03:35:53 PM
الحجاز
Administrator تاريخ الانضمام: 12/07/03
المشاركات: 298
فَصْلٌ فِي تَلْخِيصِ جُمْلَةٍ مِنْ حَالِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
--------------------------------------------------------------------------------
3-
فَصْلٌ فِي تَلْخِيصِ جُمْلَةٍ مِنْ حَالِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
اعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَحَاسِنِ بِالْمَقَامِ الْأَعْلَى ، وَالْمَحَلِّ الْأَسْنَى ، لِمَا جَمَعَهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهُ مِنْ الْخَيْرَاتِ ، وَوَفَّقَهُ لَهُ مِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ ، وَسَهَّلَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَكْرُمَاتِ .
فَمِنْ ذَلِكَ شَرَفُ النَّسَبِ الطَّاهِرِ ، وَالْعُنْصُرِ الْبَاهِرِ ، وَاجْتِمَاعِهِ هُوَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّسَبِ ، وَذَلِكَ غَايَةُ الْفَضْلِ ، وَنِهَايَةُ الْحَسَبِ ، وَمِنْ ذَلِكَ شَرَفُ الْمَوْلِدِ ، وَالْمَنْشَأِ ، فَإِنَّهُ وُلِدَ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ، وَنَشَأَ بِمَكَّةَ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ بَعْدَ أَنْ مُهِّدَتْ الْكُتُبُ ، وَصُنِّفَتْ ، وَقُرِّرَتْ الْأَحْكَامُ ، وَنُقِّحَتْ .
فَنَظَرَ فِي مَذَاهِبِ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَأَخَذَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُبْرَزِينَ ، وَنَاظَرَ الْحُذَّاقَ الْمُتْقِنِينَ ، فَنَظَرَ مَذَاهِبَهُمْ ، وَسَبَرَهَا ، وَتَحَقَّقَهَا ، وَخَبَرَهَا ، فَلَخَّصَ مِنْهَا طَرِيقَةً جَامِعَةً لِلْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، وَالْإِجْمَاعِ ، وَالْقِيَاسِ ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ ، وَتَفَرَّغَ لِلِاخْتِيَارِ ، وَالتَّرْجِيحِ ، وَالتَّكْمِيلِ ، وَالتَّنْقِيحِ ، مَعَ جَمَالِ قُوَّتِهِ ، وَعُلُوِّ هِمَّتِهِ ، وَبَرَاعَتِهِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفُنُونِ ، وَاضْطِلَاعِهِ مِنْهَا أَشَدَّ اضْطِلَاعٍ .
وَهُوَ الْمُبَرِّزُ فِي الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، الْبَارِعُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِخِ ، وَالْمَنْسُوخِ ، وَالْمُجْمَلِ ، وَالْمُبَيَّنِ ، وَالْخَاصِّ ، وَالْعَامِّ ، وَغَيْرِهَا مِنْ تَقَاسِيمِ الْخِطَابِ ، فَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ إلَى فَتْحِ هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ أُصُولَ الْفِقْهِ بِلَا خِلَافٍ ، وَلَا ارْتِيَابٍ ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُسَاوَى بَلْ لَا يُدَانَى فِي مَعْرِفَةِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدِّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْحُجَّةُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ ، وَنَحْوِهِمْ ، فَقَدْ اشْتَغَلَ فِي الْعَرَبِيَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ بَلَاغَتِهِ ، وَفَصَاحَتِهِ ، وَمَعَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ اللِّسَانِ ، وَالدَّارِ ، وَالْعَصْرِ ، وَبِهَا يُعْرَفُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَهُوَ الَّذِي قَلَّدَ الْمِنَنَ الْجَسِيمَةَ جَمِيعَ أَهْلِ الْآثَارِ ، وَحَمَلَةَ الْأَحَادِيثِ ، وَنَقْلَةَ الْأَخْبَارِ ، بِتَوْقِيفِهِ إيَّاهُمْ عَلَى ، مَعَانِي السُّنَنِ ، وَتَنْبِيهِهِمْ ، وَقَذْفِهِ بِالْحَقِّ عَلَى بَاطِلِ مُخَالِفِي السُّنَنِ ، وَتَمْوِيهِهِمْ ، فَنَعَّشَهُمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا خَامِلِينَ ، وَظَهَرَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْمُخَالِفِينَ ، وَدَمَغُوهُمْ بِوَاضِحَاتِ الْبَرَاهِينِ حَتَّى ظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : إنْ تَكَلَّمَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَوْمًا مَا فَبِلِسَانِ الشَّافِعِيِّ ، يَعْنِي لِمَا وَضَعَ مِنْ كُتُبِهِ .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ : كَانَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ رُقُودًا فَأَيْقَظَهُمْ الشَّافِعِيُّ فَتَيَقَّظُوا.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ : أَنَا أَنْظُرُ فِي الرِّسَالَةِ مِنْ خَمْسِينَ سَنَةٍ ، مَا أَعْلَمُ أَنِّي نَظَرْتُ فِيهَا مَرَّةً إلَّا ، وَاسْتَفَدْتُ شَيْئًا لَمْ أَكُنْ عَرَفْتُهُ .
وَاشْتَهَرَتْ جَلَالَةُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعِرَاقِ ، وَسَارَ ذِكْرُهُ فِي الْآفَاقِ ، وَأَذْعَنَ بِفَضْلِهِ الْمُوَافِقُونَ ، وَالْمُخَالِفُونَ ، وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ الْعُلَمَاءُ أَجْمَعُونَ ، وَعَظُمَتْ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ ، وَوُلَاةِ الْأُمُورِ مَرْتَبَتُهُ ، وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُمْ جَلَالَتُهُ ، وَإِمَامَتُهُ ، وَظَهَرَ مِنْ فَضْلِهِ فِي مُنَاظَرَاتِهِ أَهْلَ الْعِرَاقِ ، وَغَيْرَهُمْ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ ، وَأَظْهَرَ مِنْ بَيَانِ الْقَوَاعِدِ ، وَمُهِمَّاتِ الْأُصُولِ مَا لَا يُعْرَفُ لِسِوَاهُ ، وَامْتُحِنَ فِي مَوَاطِنَ بِمَا لَا يُحْصَى مِنْ الْمَسَائِلِ ، فَكَانَ جَوَابُهُ فِيهَا مِنْ الصَّوَابِ ، وَالسَّدَادِ بِالْمَحِلِّ الْأَعْلَى ، وَالْمَقَامِ الْأَسْمَى ، وَعَكَفَ عَلَيْهِ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْهُ الصِّغَارُ ، وَالْكِبَارُ ، وَالْأَئِمَّةُ ، وَالْأَخْيَارُ ، مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَالْفِقْهِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَرَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ عَنْ مَذَاهِبَ كَانُوا عَلَيْهَا إلَى مَذْهَبِهِ ، وَتَمَسَّكُوا بِطَرِيقَتِهِ ، كَأَبِي ثَوْرٍ ، وَخَلَائِقَ لَا يُحْصَوْنَ ، وَتَرَكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْأَخْذَ عَنْ شُيُوخِهِمْ ، وَكِبَارِ الْأَئِمَّةِ ، لِانْقِطَاعِهِمْ إلَى الشَّافِعِيِّ لَمَّا رَأَوْا عِنْدَهُ مَا لَا يَجِدُونَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ ، وَبَارَكَ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهُ ، وَلَهُمْ فِي تِلْكَ الْعُلُومِ الْبَاهِرَةِ ، وَالْمَحَاسِنِ الْمُتَظَاهِرَةِ ، وَالْخَيْرَاتِ الْمُتَكَاثِرَةِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ ، وَعَلَى سَائِرِ نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى .
وَصَنَّفَ فِي الْعِرَاقِ كِتَابَهُ الْقَدِيمِ ، وَيُسَمَّى كِتَابَ الْحُجَّةِ ، وَيَرْوِيهِ عَنْهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ جُلَّةِ أَصْحَابِهِ ، وَهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَالزَّعْفَرَانِيّ ، ، وَالْكَرَابِيسِيُّ .
ثُمَّ خَرَجَ إلَى مِصْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ ، وَمِائَةٍ .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى : قَدِمَ عَلَيْنَا الشَّافِعِيُّ مِصْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ ، وَقَالَ الرَّبِيعُ : سَنَةَ مِائَتَيْنِ ، وَلَعَلَّهُ قَدِمَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَصَنَّفَ كُتُبَهُ الْجَدِيدَةَ كُلَّهَا بِمِصْرَ ، وَسَارَ ذِكْرُهُ فِي الْبُلْدَانِ ، وَقَصَدَهُ النَّاسُ مِنْ الشَّامِ ، وَالْعِرَاقِ ، وَالْيَمَنِ ، وَسَائِرِ النَّوَاحِي لِلْأَخْذِ عَنْهُ ، وَسَمَاعِ كُتُبِهِ الْجَدِيدَةِ ، ، وَأَخْذِهَا عَنْهُ ، وَسَادَ أَهْلَ مِصْرَ ، وَغَيْرَهُمْ ، وَابْتَكَرَ كُتُبًا لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا ، مِنْهَا أُصُولُ الْفِقْهِ ، وَمِنْهَا كِتَابُ الْقَسَامَةِ ، وَكِتَابُ الْجِزْيَةِ ، وَقِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ ، وَغَيْرُهَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الرَّازِيّ فِي كِتَابِهِ ( مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ ) : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَمْدَانَ بْنِ سُفْيَانَ الطَّرَائِفِيَّ الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ : حَضَرْتُ الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَوْمًا ، وَقَدْ حَطَّ عَلَى بَابِ دَارِهِ سَبْعُمِائَةِ رَاحِلَةٍ فِي سَمَاعِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
--------------------------------------------------------------------------------
آخر تحرير بواسطة الحجاز : 12/07/03 الساعة 03 :30 03:30:41 PM.
الحجاز
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى الحجاز
البحث عن كافة المشاركات بواسطة الحجاز
#3 12/07/03, 03 :35 03:35:53 PM
الحجاز
Administrator تاريخ الانضمام: 12/07/03
المشاركات: 298
فَصْلٌ فِي تَلْخِيصِ جُمْلَةٍ مِنْ حَالِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
--------------------------------------------------------------------------------
3-
فَصْلٌ فِي تَلْخِيصِ جُمْلَةٍ مِنْ حَالِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
اعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَحَاسِنِ بِالْمَقَامِ الْأَعْلَى ، وَالْمَحَلِّ الْأَسْنَى ، لِمَا جَمَعَهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهُ مِنْ الْخَيْرَاتِ ، وَوَفَّقَهُ لَهُ مِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ ، وَسَهَّلَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَكْرُمَاتِ .
فَمِنْ ذَلِكَ شَرَفُ النَّسَبِ الطَّاهِرِ ، وَالْعُنْصُرِ الْبَاهِرِ ، وَاجْتِمَاعِهِ هُوَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّسَبِ ، وَذَلِكَ غَايَةُ الْفَضْلِ ، وَنِهَايَةُ الْحَسَبِ ، وَمِنْ ذَلِكَ شَرَفُ الْمَوْلِدِ ، وَالْمَنْشَأِ ، فَإِنَّهُ وُلِدَ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ، وَنَشَأَ بِمَكَّةَ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ بَعْدَ أَنْ مُهِّدَتْ الْكُتُبُ ، وَصُنِّفَتْ ، وَقُرِّرَتْ الْأَحْكَامُ ، وَنُقِّحَتْ .
فَنَظَرَ فِي مَذَاهِبِ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَأَخَذَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُبْرَزِينَ ، وَنَاظَرَ الْحُذَّاقَ الْمُتْقِنِينَ ، فَنَظَرَ مَذَاهِبَهُمْ ، وَسَبَرَهَا ، وَتَحَقَّقَهَا ، وَخَبَرَهَا ، فَلَخَّصَ مِنْهَا طَرِيقَةً جَامِعَةً لِلْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، وَالْإِجْمَاعِ ، وَالْقِيَاسِ ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ ، وَتَفَرَّغَ لِلِاخْتِيَارِ ، وَالتَّرْجِيحِ ، وَالتَّكْمِيلِ ، وَالتَّنْقِيحِ ، مَعَ جَمَالِ قُوَّتِهِ ، وَعُلُوِّ هِمَّتِهِ ، وَبَرَاعَتِهِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفُنُونِ ، وَاضْطِلَاعِهِ مِنْهَا أَشَدَّ اضْطِلَاعٍ .
وَهُوَ الْمُبَرِّزُ فِي الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْكِتَابِ ، وَالسُّنَّةِ ، الْبَارِعُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِخِ ، وَالْمَنْسُوخِ ، وَالْمُجْمَلِ ، وَالْمُبَيَّنِ ، وَالْخَاصِّ ، وَالْعَامِّ ، وَغَيْرِهَا مِنْ تَقَاسِيمِ الْخِطَابِ ، فَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ إلَى فَتْحِ هَذَا الْبَابِ ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ أُصُولَ الْفِقْهِ بِلَا خِلَافٍ ، وَلَا ارْتِيَابٍ ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُسَاوَى بَلْ لَا يُدَانَى فِي مَعْرِفَةِ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدِّ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْحُجَّةُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ ، وَنَحْوِهِمْ ، فَقَدْ اشْتَغَلَ فِي الْعَرَبِيَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ بَلَاغَتِهِ ، وَفَصَاحَتِهِ ، وَمَعَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ اللِّسَانِ ، وَالدَّارِ ، وَالْعَصْرِ ، وَبِهَا يُعْرَفُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، وَهُوَ الَّذِي قَلَّدَ الْمِنَنَ الْجَسِيمَةَ جَمِيعَ أَهْلِ الْآثَارِ ، وَحَمَلَةَ الْأَحَادِيثِ ، وَنَقْلَةَ الْأَخْبَارِ ، بِتَوْقِيفِهِ إيَّاهُمْ عَلَى ، مَعَانِي السُّنَنِ ، وَتَنْبِيهِهِمْ ، وَقَذْفِهِ بِالْحَقِّ عَلَى بَاطِلِ مُخَالِفِي السُّنَنِ ، وَتَمْوِيهِهِمْ ، فَنَعَّشَهُمْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا خَامِلِينَ ، وَظَهَرَتْ كَلِمَتُهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْمُخَالِفِينَ ، وَدَمَغُوهُمْ بِوَاضِحَاتِ الْبَرَاهِينِ حَتَّى ظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : إنْ تَكَلَّمَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَوْمًا مَا فَبِلِسَانِ الشَّافِعِيِّ ، يَعْنِي لِمَا وَضَعَ مِنْ كُتُبِهِ .
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ : كَانَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ رُقُودًا فَأَيْقَظَهُمْ الشَّافِعِيُّ فَتَيَقَّظُوا.