الحضارات القديمة وبداية الفيزياء في الإسلام
تطور الفيزياء في الإسلام
أهم إنجازات المسلمين في الفيزياء
إذا كانت العلوم الطبيعية عند العلماء المسلمين في بدئها قد قامت على مؤلفات اليونان، تلك
التي استندوا فيها على الفلسفة المجردة في محاولاتهم فهم الطبيعة، ودون أن يكون للتجربة دور يذكر في تلك المحاولات، فإن العلماء المسلمين ما لبثوا أن طوروا هذا الأساس وجعلوا علم الفيزياء علما يستند إلى التجربة والاستقراء، عوضا عن الاعتماد على الفلسفة أو التأملات والأفكار المجردة. فقد اهتم العلماء المسلمون بعلم الصوت وبحثوا في منشئه وكيفية انتقاله، فكانوا أول من عرف أن الأصوات تنشأ عن حركة الأجسام المحدثة لها وانتقالها في الهواء على هيئة موجات تنتشر على شكل
كروي، وهم أول من قسم الأصوات إلى أنواع، وعللوا سبب اختلافها عن الحيوانات باختلاف طول أعناقها وسعة حلاقيمها وتركيب حناجرها. وكانوا أول من علل الصدى وقالوا إنه يحدث عن انعكاس الهواء المتموج من مصادقة عالٍ كجبل أو حائط، ويمكن أن لا يقع الحس بالانعكاس لقرب المساحة فلا يحس بتفاوت زماني الصوت وانعكاسه
(7).
وفي علم السوائل فقد ألّّف العلماء المسلمون فصولاً متخصصة وأحيانًا متناثرة وكيفية حساب الوزن
النوعي لها؛ إذ ابتدعوا طرقًا عديدة لاستخراجه، وتوصلوا إلى معرفة كثافة بعض العناصر، وكان حسابهم
دقيقًا مطابقًا - أحيانًا - لما هو عليه الآن أو مختلفاً عنه بفارق يسير، وكانت بحوثهم في الجاذبية
مبتكرة، وتوصل بعضهم مثل البوزجاني إلى أن هناك شيئًا من الخلل في حركة القمر يعود إلى الجاذبية
وخواص الجذب، وقد كانت هذه الدراسات على بساطتها ممهدة لمن أتى بعدهم ليكتشف قانون الجاذبية ويضع
أبحاثها في إطار أكثر علمية. كما بحثوا في الضغط الجوي؛ ويبدو ذلك فيم قام به الخازن في ميزان الحكمة، كما أن للمسلمين
بحوثًا شيقة في الروافع، وقد تقدموا في هذا الشأن كثيرًا، وكانت لديهم آلات كثيرة للرفع كلها مبنية
على قواعد ميكانيكية تيسر عملية جر الأثقال، كما استخدموا موازين دقيقة جداً، وكان الخطأ في الوزن لا يعدو أربعة أجزاء من ألف جزء من الجرام، وكتبوا في الأنابيب الشّعريَّة ومبادئها، وتعليل ارتفاع الموائع وانخفاضها مما قادهم إلى البحث في التوتر
السطحي وأسبابه، وهم الذين اخترعوا كثيرًا من الأدوات الدقيقة لحساب الزمن والاتجاه والكثافة والثقل النوعي.
كما بحث المسلمون في كيفية حدوث قوس قزح وسرعة الضوء والصوت، وعرفوا أيضًا المغناطيس
واستفادوا منه في إبحارهم، ومن المحتمل أن بعض العلماء قد أجرى التجارب البدائية في المغناطيسية.
وبالجملة كانت المعلومات عن الميكانيكا والبصريات والضوء والصوت وخلافها من مباحث علم
الطبيعة، مبعثرة لا رابط بينها، وكانت تُبحث قبلهم من منظور يستند إلى المنهج العقلي والبحث الفلسفي،
وكان المغلوط فيها أكثر من الصواب؛ فاستنتج العلماء المسلمون نظريات جديدة وبحوثًا مبتكرة لبعض المسائل
الفيزيائية التي طرحها اليونان من جانب نظري بحت، فتوصلوا من خلال بحثهم إلى بعض القوانين المائية،
وكانت لهم آراء في الجاذبية الأرضية، والمرايا المحرقة وخواص المرايا المقعّرة، والثقل النوعي،
وانكسار الضوء وانعكاسه وعلم الروافع (. يقول كاجوري في كتابه "تاريخ الفيزياء": إن علماء العرب والمسلمين هم أول من بدأ ودافع بكل جدارة عن المنهج التجريبي، فهذا المنهج يعد مفخرة من مفاخرهم، فهم أول من أدرك فائدته وأهميته للعلوم الطبيعية.." (9).
وتبقى ملاحظة...
جرى العرف على نسبة قوانين الحركة إلى العالم الإنجليزي الشهير إسحاق نيوتن (1642-1727م)
التي نشرها في كتابه المسمى "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية"، وحقيقة الأمر أن الفضل يرجع بلا
شك إلى نيوتن في تجميع هذه القوانين، ووضع القانون الثاني منها بالتحديد في قالب رياضي؛ إذ أن علماء
العرب وقفوا فعلاً على القانونين الأول والثالث،وكانوا قاب قوسين أو أدنى من القانون الثاني للحركة،
وجهد علماء العرب واضح في هذا المجال تدعمه النصوص الموثقة وعلى سبيل المثال ما يلي:
القانون الأول للحركة: يقول الشيخ الرئيس ابن سينا (371 - 428هـ) في كتابه الإشارات والتنبيهات: "إنك لتعلم أن الجسم
إذا خُلِّي وطباعه، ولم يعرض له من خارج تأثير غريب، لم يكن له بُدٌّ من موضع معين وشكل معين، فإذن في
طباعه مبدأ استيجاب ذلك - كما يقول - وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على
حاله".والواضح لنا أن تعبير ابن سينا للقانون الأول للحركة يمتاز عن تعبير إسحاق نيوتن القائل: "إن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة منتظمة في خط مستقيم ما لم تُجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحالة".
القانون الثاني للحركة: تأمل ما يقوله هبة الله بن ملكا البغدادي(480 - 560هـ) في كتابه المعتبر في الحكمة: "وكل
حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدّية تُحرّك أسرع وفي زمن أقصر.. فكلما اشتدت القوة ازدادت
السرعة فقصر الزمان، فإذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة، وفي ذلك تصير الحركة في غير زمان أشد؛ لأن
سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة". فانظر، لم يقل ابن ملكا سلب الزمان في قطع المسافة، وإنما قال سلب الزمان في السرعة، وهذا معنى التسارع، أما إسحاق نيوتن فيقول: "إن القوة اللازمة للحركة تتناسب تناسبا طرديا مع كل من كتلة الجسم
وتسارعه، وبالتالي فإنها تُقاس كحاصل ضرب الكتلة × التسارع، بحيث يكون التسارع في نفس اتجاه القوة وعلى خط ميلها".
فحقا إن الرؤية واضحة عند نيوتن عندما وَضَعه؛ لذا يمكن القول: إن القانون الثاني للحركة اشترك في اكتشافه كلٌ من هبة الله البغدادي وإسحاق نيوتن.
القانون الثالث للحركة: يقول أبو البركات هبة الله بن ملكا في كتابه المعتبر في الحكمة: إن الحلقة المتجاذبة بين
المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر، وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه
يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب.
كما يرد نفس المعنى في كتابات الإمام فخرالدين الرازي في كتابه "المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات" حيث يقول: الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط، لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوقا بفعل الآخر.
أما إسحاق نيوتن فقد عبّر عن ذلك بقوله: "لكل فعل ردّ فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه..".
ومن هنا فإننا نهيب بمجتمع العلماء أن يعيدوا النظر في نسبة بعض القوانين، وأن يسعوا جادين
مقتنعين بأحقية بعض علماء العرب والمسلمين في نسبة بعض الإنجازات في علم الحركة إليهم، فينسبون قوانين التصادم للحسن بن الهيثم، والقانون الأول للحركة لابن سينا، والقانون الثالث للحركة لابن ملكا البغدادي، ولا غرو، فهم السابقون حقاً إليها (10). وهكذا تعددت إنجازات المسلمين في الفيزياء على مدار العصور وتميزت أبحاثهم، ولا بد لنا الآن من
وقفة تنوه ببعضهم وبعض فضلهم إن عزّ كله.
أشهر رواد الفيزياء المسلمين وأهم إسهاماتهم
يعد القرن الرابع الهجري العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية من حيث التقدم العلمي، فقد تَوَّج العلماء المسلمون العلوم التطبيقية والبحث خلاله بالاكتشافات الرائعة، خاصة بما اهتدوا إليه في الأصوات، وقوس قزح والكسوف والخسوف والظلال،
بالإضافة إلى مخترعاتهم في علم الحيل. وقد كان على رأس قائمة العلماء الذين اشتغلوا بالفيزياء: ابن الهيثم (انظر إنجازاته في
مبحث البصريات) وأبناء موسى بن شاكر والخازن والبيروني وغيرهم ممن يصعب حصرهم، وقد أسهم هؤلاء جميعًا في تطور علم الفيزياء بفروعه المختلفة بنسب متفاوتة، ولم يكن هناك من يفوقهم في أي أمة عاصرتهم،
وهذه نبذة سريعة تنوه ببعضهم.
تطور الفيزياء في الإسلام
أهم إنجازات المسلمين في الفيزياء
إذا كانت العلوم الطبيعية عند العلماء المسلمين في بدئها قد قامت على مؤلفات اليونان، تلك
التي استندوا فيها على الفلسفة المجردة في محاولاتهم فهم الطبيعة، ودون أن يكون للتجربة دور يذكر في تلك المحاولات، فإن العلماء المسلمين ما لبثوا أن طوروا هذا الأساس وجعلوا علم الفيزياء علما يستند إلى التجربة والاستقراء، عوضا عن الاعتماد على الفلسفة أو التأملات والأفكار المجردة. فقد اهتم العلماء المسلمون بعلم الصوت وبحثوا في منشئه وكيفية انتقاله، فكانوا أول من عرف أن الأصوات تنشأ عن حركة الأجسام المحدثة لها وانتقالها في الهواء على هيئة موجات تنتشر على شكل
كروي، وهم أول من قسم الأصوات إلى أنواع، وعللوا سبب اختلافها عن الحيوانات باختلاف طول أعناقها وسعة حلاقيمها وتركيب حناجرها. وكانوا أول من علل الصدى وقالوا إنه يحدث عن انعكاس الهواء المتموج من مصادقة عالٍ كجبل أو حائط، ويمكن أن لا يقع الحس بالانعكاس لقرب المساحة فلا يحس بتفاوت زماني الصوت وانعكاسه
(7).
وفي علم السوائل فقد ألّّف العلماء المسلمون فصولاً متخصصة وأحيانًا متناثرة وكيفية حساب الوزن
النوعي لها؛ إذ ابتدعوا طرقًا عديدة لاستخراجه، وتوصلوا إلى معرفة كثافة بعض العناصر، وكان حسابهم
دقيقًا مطابقًا - أحيانًا - لما هو عليه الآن أو مختلفاً عنه بفارق يسير، وكانت بحوثهم في الجاذبية
مبتكرة، وتوصل بعضهم مثل البوزجاني إلى أن هناك شيئًا من الخلل في حركة القمر يعود إلى الجاذبية
وخواص الجذب، وقد كانت هذه الدراسات على بساطتها ممهدة لمن أتى بعدهم ليكتشف قانون الجاذبية ويضع
أبحاثها في إطار أكثر علمية. كما بحثوا في الضغط الجوي؛ ويبدو ذلك فيم قام به الخازن في ميزان الحكمة، كما أن للمسلمين
بحوثًا شيقة في الروافع، وقد تقدموا في هذا الشأن كثيرًا، وكانت لديهم آلات كثيرة للرفع كلها مبنية
على قواعد ميكانيكية تيسر عملية جر الأثقال، كما استخدموا موازين دقيقة جداً، وكان الخطأ في الوزن لا يعدو أربعة أجزاء من ألف جزء من الجرام، وكتبوا في الأنابيب الشّعريَّة ومبادئها، وتعليل ارتفاع الموائع وانخفاضها مما قادهم إلى البحث في التوتر
السطحي وأسبابه، وهم الذين اخترعوا كثيرًا من الأدوات الدقيقة لحساب الزمن والاتجاه والكثافة والثقل النوعي.
كما بحث المسلمون في كيفية حدوث قوس قزح وسرعة الضوء والصوت، وعرفوا أيضًا المغناطيس
واستفادوا منه في إبحارهم، ومن المحتمل أن بعض العلماء قد أجرى التجارب البدائية في المغناطيسية.
وبالجملة كانت المعلومات عن الميكانيكا والبصريات والضوء والصوت وخلافها من مباحث علم
الطبيعة، مبعثرة لا رابط بينها، وكانت تُبحث قبلهم من منظور يستند إلى المنهج العقلي والبحث الفلسفي،
وكان المغلوط فيها أكثر من الصواب؛ فاستنتج العلماء المسلمون نظريات جديدة وبحوثًا مبتكرة لبعض المسائل
الفيزيائية التي طرحها اليونان من جانب نظري بحت، فتوصلوا من خلال بحثهم إلى بعض القوانين المائية،
وكانت لهم آراء في الجاذبية الأرضية، والمرايا المحرقة وخواص المرايا المقعّرة، والثقل النوعي،
وانكسار الضوء وانعكاسه وعلم الروافع (. يقول كاجوري في كتابه "تاريخ الفيزياء": إن علماء العرب والمسلمين هم أول من بدأ ودافع بكل جدارة عن المنهج التجريبي، فهذا المنهج يعد مفخرة من مفاخرهم، فهم أول من أدرك فائدته وأهميته للعلوم الطبيعية.." (9).
وتبقى ملاحظة...
جرى العرف على نسبة قوانين الحركة إلى العالم الإنجليزي الشهير إسحاق نيوتن (1642-1727م)
التي نشرها في كتابه المسمى "الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية"، وحقيقة الأمر أن الفضل يرجع بلا
شك إلى نيوتن في تجميع هذه القوانين، ووضع القانون الثاني منها بالتحديد في قالب رياضي؛ إذ أن علماء
العرب وقفوا فعلاً على القانونين الأول والثالث،وكانوا قاب قوسين أو أدنى من القانون الثاني للحركة،
وجهد علماء العرب واضح في هذا المجال تدعمه النصوص الموثقة وعلى سبيل المثال ما يلي:
القانون الأول للحركة: يقول الشيخ الرئيس ابن سينا (371 - 428هـ) في كتابه الإشارات والتنبيهات: "إنك لتعلم أن الجسم
إذا خُلِّي وطباعه، ولم يعرض له من خارج تأثير غريب، لم يكن له بُدٌّ من موضع معين وشكل معين، فإذن في
طباعه مبدأ استيجاب ذلك - كما يقول - وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على
حاله".والواضح لنا أن تعبير ابن سينا للقانون الأول للحركة يمتاز عن تعبير إسحاق نيوتن القائل: "إن الجسم يبقى في حالة سكون أو في حالة منتظمة في خط مستقيم ما لم تُجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحالة".
القانون الثاني للحركة: تأمل ما يقوله هبة الله بن ملكا البغدادي(480 - 560هـ) في كتابه المعتبر في الحكمة: "وكل
حركة ففي زمان لا محالة، فالقوة الأشدّية تُحرّك أسرع وفي زمن أقصر.. فكلما اشتدت القوة ازدادت
السرعة فقصر الزمان، فإذا لم تتناه الشدة لم تتناه السرعة، وفي ذلك تصير الحركة في غير زمان أشد؛ لأن
سلب الزمان في السرعة نهاية ما للشدة". فانظر، لم يقل ابن ملكا سلب الزمان في قطع المسافة، وإنما قال سلب الزمان في السرعة، وهذا معنى التسارع، أما إسحاق نيوتن فيقول: "إن القوة اللازمة للحركة تتناسب تناسبا طرديا مع كل من كتلة الجسم
وتسارعه، وبالتالي فإنها تُقاس كحاصل ضرب الكتلة × التسارع، بحيث يكون التسارع في نفس اتجاه القوة وعلى خط ميلها".
فحقا إن الرؤية واضحة عند نيوتن عندما وَضَعه؛ لذا يمكن القول: إن القانون الثاني للحركة اشترك في اكتشافه كلٌ من هبة الله البغدادي وإسحاق نيوتن.
القانون الثالث للحركة: يقول أبو البركات هبة الله بن ملكا في كتابه المعتبر في الحكمة: إن الحلقة المتجاذبة بين
المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر، وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه
يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب.
كما يرد نفس المعنى في كتابات الإمام فخرالدين الرازي في كتابه "المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات" حيث يقول: الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط، لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوقا بفعل الآخر.
أما إسحاق نيوتن فقد عبّر عن ذلك بقوله: "لكل فعل ردّ فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه..".
ومن هنا فإننا نهيب بمجتمع العلماء أن يعيدوا النظر في نسبة بعض القوانين، وأن يسعوا جادين
مقتنعين بأحقية بعض علماء العرب والمسلمين في نسبة بعض الإنجازات في علم الحركة إليهم، فينسبون قوانين التصادم للحسن بن الهيثم، والقانون الأول للحركة لابن سينا، والقانون الثالث للحركة لابن ملكا البغدادي، ولا غرو، فهم السابقون حقاً إليها (10). وهكذا تعددت إنجازات المسلمين في الفيزياء على مدار العصور وتميزت أبحاثهم، ولا بد لنا الآن من
وقفة تنوه ببعضهم وبعض فضلهم إن عزّ كله.
أشهر رواد الفيزياء المسلمين وأهم إسهاماتهم
يعد القرن الرابع الهجري العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية من حيث التقدم العلمي، فقد تَوَّج العلماء المسلمون العلوم التطبيقية والبحث خلاله بالاكتشافات الرائعة، خاصة بما اهتدوا إليه في الأصوات، وقوس قزح والكسوف والخسوف والظلال،
بالإضافة إلى مخترعاتهم في علم الحيل. وقد كان على رأس قائمة العلماء الذين اشتغلوا بالفيزياء: ابن الهيثم (انظر إنجازاته في
مبحث البصريات) وأبناء موسى بن شاكر والخازن والبيروني وغيرهم ممن يصعب حصرهم، وقد أسهم هؤلاء جميعًا في تطور علم الفيزياء بفروعه المختلفة بنسب متفاوتة، ولم يكن هناك من يفوقهم في أي أمة عاصرتهم،
وهذه نبذة سريعة تنوه ببعضهم.