معوقات تعليم مهارات التفكير :
1 ـ الطابع العام السائد في وضع المناهج والكتب الدراسية المقررة في التعليم العام لا يزال متأثراً بالافتراض السائد الذي مفاده أن عملية تراكم كم هائل من المعلومات والحقائق ضرورية وكافية لتنمية مهارات التفكير لدى الطلبة ، وهذا ما ينعكس على حشو عقول الطلاب بالمعلومات والقوانين والنظريات عن طريق التلقين ، كما ينعكس في بناء الاختبارات المدرسية والعامة والتدريبات المعرفية الصفية والبيتية التي تثقل الذاكرة ولا تنمي مستويات التفكير العليا من تحليل ونقد و تقويم .
2 ـ التركيز من قبل المدرسة ، وأهداف التعليم ، ورسالة العلم على عملية نقل وتوصيل المعلومات بدلاً من التركيز على توليدها أو استعمالها ، ويلحظ ذلك في استئثار المعلمين معظم الوقت بالكلام دون الاهتمام بالأسئلة والمناشط التي تتطلب إمعان النظر والتفكير ، أو الاهتمام بإعطاء دور إيجابي للطلبة الذين يصرح المعلمون بأنهم محور العملية التعليمية و غايتها .
3 ـ اختلاف وجهات النظر حول تعريف مفهوم التفكير وتحديد مكوناته بصورة واضحة تسهل عملية تطوير نشاطات واستراتيجيات فعالة في تعليمه مما يؤدي ذلك بدوره وجود مشكلة كبيرة تواجه الهيئات التعليمية والإدارية في كيفية تطبيقه .
4 ـ غالباً ما يعتمد النظام التعليمي والتربوي في تقويم الطلاب على اختبارات مدرسية وعامة قوامها أسئلة تتطلب مهارات معرفية متدنية ، كالمعرفة والفهم ، وكأنها تمثل نهاية المطاف بالنسبة للمنهج المقرر وأهداف التربية .
وعليه فإن التعليم من أجل التفكير ، أو تعلم مهارته شعار جميل نردده دائماً من الناحية النظرية ، أما على أرض الواقع فإن الممارسات الميدانية لا تعكس هذا التوجه .
لماذا نتعلم مهارات التفكير :
أولاً : التفكير ضرورة حيوية للإيمان واكتشاف نواميس الحياة .
وقد دعا إلى ذلك القرآن الكريم ، فحث على النظر العقلي والتأمل والفحص وتقليب الأمر على وجهه لفهمه وإدراكه.
ثانياً : التفكير الحاذق لا ينمو تلقائياً : وهذا يقودنا إلى التفريق بين نوعين من التفكير :
1 ـ التفكير اليومي المعتاد الذي يكتسبه الإنسان بصورة طبيعية ، وهو يشبه القدرة على المشي .
2 ـ التفكير الحاذق الذي يتطلب تعليماً منظماً هادفاً ومراناً مستمراً حتى يمكن أن يبلغ أقصى مدى له ، وهذا النوع يشبه القدرة على تسلق الجبال ، أو رمي القرص وغيرها من المهارات التي تتطلب تفكيراً مميزاً .
وعليه فإن الكفاءة في التفكير – بخلاف الاعتقاد الشائع – ليست مجرد قدرة طبيعية ترافق النمو الطبيعي للطفل بالضرورة ، فإن المعرفة بمحتوى المادة الدراسية أو الموضوع الدراسي ليست في حد ذاتها بديلاً عن المعرفة بعمليات التفكير والكفاءة فيه ، ومع أننا لا نشك في أن المعرفة في مجال ما تشكل قاعدة أساسية للتفكير في هذا المجال ، وأن أنجح الأشخاص في التفكير في موضوع ما هم أكثر الأشخاص دراية و معرفة به ، ولكن المعرفة وحدها لا تكفي ، ولا بد أن تقترن بمعرفة لعمليات التفكير ، وكفاية فيها حتى يكون التفكير في الموضوع حاذقاً ومنتجاً .
ومن الواضح أن التعليم الهادف يمكن أن يلعب دوراً فعالاً في تنمية عمليات ومهارات التفكير التي تمكن الأفراد من تطوير كفاءتهم التفكيرية .
ثالثاً : دور التفكير في النجاح الحياتي والدراسي :
يلعب التفكير الحاذق دوراً حيوياً في نجاح الأفراد وتقدمهم داخل المؤسسة التعليمية وخارجها ، لأن آراءهم في العمل التعليمي و الاختبارات المدرسية والمواقف الحياتية أثناء الدراسة وبعد انتهائها هي نتاج تفكيرهم وبموجبها يتحدد مدى نجاحهم أو إخفاقهم .
وبناء على ما سبق يعدّ تعليمهم مهارات التفكير الحاذق من أهم المفاهيم التي يمكن أن يقوم بها المعلم أو المدرسة لأسباب أهمها :
1ـ التعليم الواضح المباشر لعمليات ومهارات التفكير المتنوعة يساعد على رفع مستوى الكفاءة التفكيرية للطالب .
2 ـ التعليم الواضح المباشر لعمليات ومهارات التفكير اللازمة لفهم موضوع دراسي يمكن أن يحسن مستوى تحصيل الطالب في هذا الموضوع .
3 ـ تعليم عمليات ومهارات التفكير يعطي الطالب إحساساً بالسيطرة الواعية على تفكيره.
وعندما يقترن هذا التعليم مع تحسن مستوى التحصيل ينمو لدى الطلبة شعور بالثقة في النفس في مواجهة المهمات المدرسية والحياتية .
رابعاُ : التفكير قوة متجددة لبقاء الفرد والمجتمع معاً في عالم اليوم والغد . هذا العالم الذي يتميز بتدفق المعلومات و تجددها ، عالم الاتصالات التي جعل من الأمم المترامية الأطراف قرية صغيرة.
وأمام هذا الواقع تبرز أهمية تعلم مهارات التفكير وعملياته ، التي تبقى صالحة متجددة من حيث فائدتها واستخداماتها في معالجة المعلومات مهما كان نوعها .
وعليه فإن تعليم الطالب مهارات التفكير هو بمثابة تزويده بالأدوات التي يحتاجها حتى يتمكن من التعامل بفاعلية مع أي نوع من المعلومات أو المتغيرات التي يأتي بها المستقبل .
خامسا : تعليم مهارات التفكير يفيد المعلمين والمدارس معاً :
من الملاحظ لما يدور داخل الغرف الصفية في مدارسنا أن دور الطالب في العملية التربوية والتعليمية محدود للغاية وسلبي ، ولا يتجاوز عملية التلقي ، أو مراقبة المشهد الذي يخطط له ـ هذا إذا كان قد خُطط له فعلاً ـ وينفذه المعلم بكل تفاصيله ، إن الدور الهامشي للطلاب هو إفراز للمناخ الصفي التقليدي المتمركز حول العمل ، والذي تتحدد عملية التعلم فيه بممارسات قائمة على الترديد والتكرار والحفظ المجرد من الفهم .
ونقيض ذلك هو المناخ الصفي الآمن المتمركز حول الطالب ، الذي يوفر فرصاً للتفاعل والتفكير من جانب الطلاب .
إن تعليم مهارات التفكير والتعليم من أجل التفكير يرفعان من درجة الإثارة والجذب للخبرات الصفية ، ويجعلان دور الطلبة إيجابياً فاعلاً ، ينعكس بصور عديدة من بينها : تحسن مستوى تحصيلهم الدراسي ونجاحهم في الاختبارات المدرسية بتفوق ، وتحقيق الأهداف التعليمية التي يتحمل المعلمون والمدارس مسؤوليتها ، ومحصلة هذا كله تعود بالنفع على المعلم والمدرسة والمجتمع .
هل يمكن تعليم مهارات التفكير ؟
هناك اتفاق شبه تام بين الباحثين الذين تعرضوا في كتاباتهم لموضوع التفكير على أن تعليم مهارات التفكير وتهيئة الفرص المثيرة له أمران في غاية الأهمية ، وأن تعليم مهارات التفكير ينبغي أن يكون هدفاً رئيساً لمؤسسات التربية و التعليم .
ويذكر كثير من الباحثين في مجال التفكير أن مهاراته العليا يمكن أن تتحسن بالتدريب والمراس و التعليم و هي مهارة لا تختلف عن أي مهارة أخرى يمكن تعلمها .
وليس هناك سند قوي للافتراض بأنها سوف تنطلق بصورة آلية على أساس النضج أو التطور الطبيعي .
ويشير أحد الباحثين إلى أن إهمال تعليم مهارات التفكير يعود إلى وجود افتراضين هما :
1 ـ أن مهارات التفكير لا يمكن تعليمها .
2 ـ القول بعدم الحاجة لتعليم مهارات التفكير .
غير أن الباحث ينتهي إلى تأكيد بطلان هذين الافتراضين بالاستناد إلى الأدلة العلمية والعملية التي تراكمت عبر السنين .
ويرى الباحثون وجوب التفريق بين تعليم التفكير ، وتعليم مهاراته ، فتعليم التفكير يعني تزويد الطلبة بالفرص الملائمة لممارسته ، وحفزهم وإثارتهم عليه. أما تعليم مهارات التفكير فينصب بصورة هادفة ومباشرة على تعليم الطلاب كيف ولماذا ينفذون مهارات واستراتيجيات عمليات التفكير الواضحة المعالم، كالتطبيق و التحليل والاستنباط والاستقراء .
ويقول أحد الباحثين أن الذكاء عبارة عن مجموعة من مهارات التفكير والتعلم التي تستخدم في حل مشكلات الحياة اليومية ، كما تستخدم في المجال التعليمي ، وأن هذه المهارات يمكن تشخيصها وتعلمها .
برامج تعليم مهارات التفكير :
تتنوع البرامج الخاصة بتعليم التفكير ومهاراته بحسب الاتجاهات النظرية والتجريبية التي تناولت موضوع التفكير ، ومن أبرز الاتجاهات النظرية التي بنيت على أساسها برامج تعليم التفكير ومهاراته ما يلي :
1 ـ برامج العمليات المعرفية :
وهذه البرامج تركز على العمليات أو المهارات المعرفية للتفكير مثل : المقارنة ، والتصنيف ، والاستنتاج نظراً لكونها أساسية في اكتساب المعرفة ، ومعالجة المعلومات .
2 ـ برامج العمليات فوق المعرفية :
تركز هذه البرامج على التفكير كموضوع قائم بذاته ، وعلى تعليم مهارات التفكير فوق المعرفية التي تسيطر على العمليات المعرفية وتديرها ، ومن أهمها :
التخطيط ، والمراقبة ، و التقويم ، وتهدف إلى تشجيع الطلبة على التفكير حول التعلم من الآخرين ، وزيادة الوعي بعمليات التفكير الذاتية ، ومن أهم البرامج الممثلة لهذا الاتجاه برنامج " الفلسفة " للأطفال ، وبرنامج المهارات فوق المعرفية .
3 ـ برامج المعالجة اللغوية والرمزية :
تركز هذه البرامج على الأنظمة اللغوية والرمزية كوسائل للتفكير والتعبير عن نتاجات التفكير معا.
وهي تهدف إلى تنمية مهارات التفكير في الكتابة والتحليل والحجج المنطقية وبرامج الحاسوب ، وهي تعنى بنتاجات التفكير المعقدة كالكتابة الأدبية وبرامج الحاسوب ، ومن تلك البرامج برامج الحاسوب اللغوية والرياضية .
4 ـ برامج التعلم بالاكتشاف :
تؤكد هذه البرامج على أهمية تعليم أساليب واستراتيجيات محددة للتعامل مع المشكلات ، وتهدف إلى تزويد الطلبة بعدة استراتيجيات لحل المشكلات في المجالات المعرفية المختلفة ، والتي يمكن تطبيقها بعد توعية الطلبة بالشروط الخاصة الملائمة لكل مجال . وهي تقوم على إعادة بناء المشكلة ، وتمثيل المشكلة بالرموز والصور والرسم البياني .
5 ـ برامج تعليم التفكير المنهجي :
تتبنى هذه البرامج منحنى بياجيه في التطور المعرفي ، وتهدف إلى تزويد الطلبة بالخبرات والتدريبات التي تنقلهم من مرحلة العمليات المادية إلى مرحلة العمليات المجردة التي يبدأ فيها تطور التفكير المنطقي والعلمي ، وتركز على الاستكشاف ومهارات التفكير والاستدلال ، والتعرف على العلاقات ضمن محتوى المواد الدراسية التقليدية .
1 ـ الطابع العام السائد في وضع المناهج والكتب الدراسية المقررة في التعليم العام لا يزال متأثراً بالافتراض السائد الذي مفاده أن عملية تراكم كم هائل من المعلومات والحقائق ضرورية وكافية لتنمية مهارات التفكير لدى الطلبة ، وهذا ما ينعكس على حشو عقول الطلاب بالمعلومات والقوانين والنظريات عن طريق التلقين ، كما ينعكس في بناء الاختبارات المدرسية والعامة والتدريبات المعرفية الصفية والبيتية التي تثقل الذاكرة ولا تنمي مستويات التفكير العليا من تحليل ونقد و تقويم .
2 ـ التركيز من قبل المدرسة ، وأهداف التعليم ، ورسالة العلم على عملية نقل وتوصيل المعلومات بدلاً من التركيز على توليدها أو استعمالها ، ويلحظ ذلك في استئثار المعلمين معظم الوقت بالكلام دون الاهتمام بالأسئلة والمناشط التي تتطلب إمعان النظر والتفكير ، أو الاهتمام بإعطاء دور إيجابي للطلبة الذين يصرح المعلمون بأنهم محور العملية التعليمية و غايتها .
3 ـ اختلاف وجهات النظر حول تعريف مفهوم التفكير وتحديد مكوناته بصورة واضحة تسهل عملية تطوير نشاطات واستراتيجيات فعالة في تعليمه مما يؤدي ذلك بدوره وجود مشكلة كبيرة تواجه الهيئات التعليمية والإدارية في كيفية تطبيقه .
4 ـ غالباً ما يعتمد النظام التعليمي والتربوي في تقويم الطلاب على اختبارات مدرسية وعامة قوامها أسئلة تتطلب مهارات معرفية متدنية ، كالمعرفة والفهم ، وكأنها تمثل نهاية المطاف بالنسبة للمنهج المقرر وأهداف التربية .
وعليه فإن التعليم من أجل التفكير ، أو تعلم مهارته شعار جميل نردده دائماً من الناحية النظرية ، أما على أرض الواقع فإن الممارسات الميدانية لا تعكس هذا التوجه .
لماذا نتعلم مهارات التفكير :
أولاً : التفكير ضرورة حيوية للإيمان واكتشاف نواميس الحياة .
وقد دعا إلى ذلك القرآن الكريم ، فحث على النظر العقلي والتأمل والفحص وتقليب الأمر على وجهه لفهمه وإدراكه.
ثانياً : التفكير الحاذق لا ينمو تلقائياً : وهذا يقودنا إلى التفريق بين نوعين من التفكير :
1 ـ التفكير اليومي المعتاد الذي يكتسبه الإنسان بصورة طبيعية ، وهو يشبه القدرة على المشي .
2 ـ التفكير الحاذق الذي يتطلب تعليماً منظماً هادفاً ومراناً مستمراً حتى يمكن أن يبلغ أقصى مدى له ، وهذا النوع يشبه القدرة على تسلق الجبال ، أو رمي القرص وغيرها من المهارات التي تتطلب تفكيراً مميزاً .
وعليه فإن الكفاءة في التفكير – بخلاف الاعتقاد الشائع – ليست مجرد قدرة طبيعية ترافق النمو الطبيعي للطفل بالضرورة ، فإن المعرفة بمحتوى المادة الدراسية أو الموضوع الدراسي ليست في حد ذاتها بديلاً عن المعرفة بعمليات التفكير والكفاءة فيه ، ومع أننا لا نشك في أن المعرفة في مجال ما تشكل قاعدة أساسية للتفكير في هذا المجال ، وأن أنجح الأشخاص في التفكير في موضوع ما هم أكثر الأشخاص دراية و معرفة به ، ولكن المعرفة وحدها لا تكفي ، ولا بد أن تقترن بمعرفة لعمليات التفكير ، وكفاية فيها حتى يكون التفكير في الموضوع حاذقاً ومنتجاً .
ومن الواضح أن التعليم الهادف يمكن أن يلعب دوراً فعالاً في تنمية عمليات ومهارات التفكير التي تمكن الأفراد من تطوير كفاءتهم التفكيرية .
ثالثاً : دور التفكير في النجاح الحياتي والدراسي :
يلعب التفكير الحاذق دوراً حيوياً في نجاح الأفراد وتقدمهم داخل المؤسسة التعليمية وخارجها ، لأن آراءهم في العمل التعليمي و الاختبارات المدرسية والمواقف الحياتية أثناء الدراسة وبعد انتهائها هي نتاج تفكيرهم وبموجبها يتحدد مدى نجاحهم أو إخفاقهم .
وبناء على ما سبق يعدّ تعليمهم مهارات التفكير الحاذق من أهم المفاهيم التي يمكن أن يقوم بها المعلم أو المدرسة لأسباب أهمها :
1ـ التعليم الواضح المباشر لعمليات ومهارات التفكير المتنوعة يساعد على رفع مستوى الكفاءة التفكيرية للطالب .
2 ـ التعليم الواضح المباشر لعمليات ومهارات التفكير اللازمة لفهم موضوع دراسي يمكن أن يحسن مستوى تحصيل الطالب في هذا الموضوع .
3 ـ تعليم عمليات ومهارات التفكير يعطي الطالب إحساساً بالسيطرة الواعية على تفكيره.
وعندما يقترن هذا التعليم مع تحسن مستوى التحصيل ينمو لدى الطلبة شعور بالثقة في النفس في مواجهة المهمات المدرسية والحياتية .
رابعاُ : التفكير قوة متجددة لبقاء الفرد والمجتمع معاً في عالم اليوم والغد . هذا العالم الذي يتميز بتدفق المعلومات و تجددها ، عالم الاتصالات التي جعل من الأمم المترامية الأطراف قرية صغيرة.
وأمام هذا الواقع تبرز أهمية تعلم مهارات التفكير وعملياته ، التي تبقى صالحة متجددة من حيث فائدتها واستخداماتها في معالجة المعلومات مهما كان نوعها .
وعليه فإن تعليم الطالب مهارات التفكير هو بمثابة تزويده بالأدوات التي يحتاجها حتى يتمكن من التعامل بفاعلية مع أي نوع من المعلومات أو المتغيرات التي يأتي بها المستقبل .
خامسا : تعليم مهارات التفكير يفيد المعلمين والمدارس معاً :
من الملاحظ لما يدور داخل الغرف الصفية في مدارسنا أن دور الطالب في العملية التربوية والتعليمية محدود للغاية وسلبي ، ولا يتجاوز عملية التلقي ، أو مراقبة المشهد الذي يخطط له ـ هذا إذا كان قد خُطط له فعلاً ـ وينفذه المعلم بكل تفاصيله ، إن الدور الهامشي للطلاب هو إفراز للمناخ الصفي التقليدي المتمركز حول العمل ، والذي تتحدد عملية التعلم فيه بممارسات قائمة على الترديد والتكرار والحفظ المجرد من الفهم .
ونقيض ذلك هو المناخ الصفي الآمن المتمركز حول الطالب ، الذي يوفر فرصاً للتفاعل والتفكير من جانب الطلاب .
إن تعليم مهارات التفكير والتعليم من أجل التفكير يرفعان من درجة الإثارة والجذب للخبرات الصفية ، ويجعلان دور الطلبة إيجابياً فاعلاً ، ينعكس بصور عديدة من بينها : تحسن مستوى تحصيلهم الدراسي ونجاحهم في الاختبارات المدرسية بتفوق ، وتحقيق الأهداف التعليمية التي يتحمل المعلمون والمدارس مسؤوليتها ، ومحصلة هذا كله تعود بالنفع على المعلم والمدرسة والمجتمع .
هل يمكن تعليم مهارات التفكير ؟
هناك اتفاق شبه تام بين الباحثين الذين تعرضوا في كتاباتهم لموضوع التفكير على أن تعليم مهارات التفكير وتهيئة الفرص المثيرة له أمران في غاية الأهمية ، وأن تعليم مهارات التفكير ينبغي أن يكون هدفاً رئيساً لمؤسسات التربية و التعليم .
ويذكر كثير من الباحثين في مجال التفكير أن مهاراته العليا يمكن أن تتحسن بالتدريب والمراس و التعليم و هي مهارة لا تختلف عن أي مهارة أخرى يمكن تعلمها .
وليس هناك سند قوي للافتراض بأنها سوف تنطلق بصورة آلية على أساس النضج أو التطور الطبيعي .
ويشير أحد الباحثين إلى أن إهمال تعليم مهارات التفكير يعود إلى وجود افتراضين هما :
1 ـ أن مهارات التفكير لا يمكن تعليمها .
2 ـ القول بعدم الحاجة لتعليم مهارات التفكير .
غير أن الباحث ينتهي إلى تأكيد بطلان هذين الافتراضين بالاستناد إلى الأدلة العلمية والعملية التي تراكمت عبر السنين .
ويرى الباحثون وجوب التفريق بين تعليم التفكير ، وتعليم مهاراته ، فتعليم التفكير يعني تزويد الطلبة بالفرص الملائمة لممارسته ، وحفزهم وإثارتهم عليه. أما تعليم مهارات التفكير فينصب بصورة هادفة ومباشرة على تعليم الطلاب كيف ولماذا ينفذون مهارات واستراتيجيات عمليات التفكير الواضحة المعالم، كالتطبيق و التحليل والاستنباط والاستقراء .
ويقول أحد الباحثين أن الذكاء عبارة عن مجموعة من مهارات التفكير والتعلم التي تستخدم في حل مشكلات الحياة اليومية ، كما تستخدم في المجال التعليمي ، وأن هذه المهارات يمكن تشخيصها وتعلمها .
برامج تعليم مهارات التفكير :
تتنوع البرامج الخاصة بتعليم التفكير ومهاراته بحسب الاتجاهات النظرية والتجريبية التي تناولت موضوع التفكير ، ومن أبرز الاتجاهات النظرية التي بنيت على أساسها برامج تعليم التفكير ومهاراته ما يلي :
1 ـ برامج العمليات المعرفية :
وهذه البرامج تركز على العمليات أو المهارات المعرفية للتفكير مثل : المقارنة ، والتصنيف ، والاستنتاج نظراً لكونها أساسية في اكتساب المعرفة ، ومعالجة المعلومات .
2 ـ برامج العمليات فوق المعرفية :
تركز هذه البرامج على التفكير كموضوع قائم بذاته ، وعلى تعليم مهارات التفكير فوق المعرفية التي تسيطر على العمليات المعرفية وتديرها ، ومن أهمها :
التخطيط ، والمراقبة ، و التقويم ، وتهدف إلى تشجيع الطلبة على التفكير حول التعلم من الآخرين ، وزيادة الوعي بعمليات التفكير الذاتية ، ومن أهم البرامج الممثلة لهذا الاتجاه برنامج " الفلسفة " للأطفال ، وبرنامج المهارات فوق المعرفية .
3 ـ برامج المعالجة اللغوية والرمزية :
تركز هذه البرامج على الأنظمة اللغوية والرمزية كوسائل للتفكير والتعبير عن نتاجات التفكير معا.
وهي تهدف إلى تنمية مهارات التفكير في الكتابة والتحليل والحجج المنطقية وبرامج الحاسوب ، وهي تعنى بنتاجات التفكير المعقدة كالكتابة الأدبية وبرامج الحاسوب ، ومن تلك البرامج برامج الحاسوب اللغوية والرياضية .
4 ـ برامج التعلم بالاكتشاف :
تؤكد هذه البرامج على أهمية تعليم أساليب واستراتيجيات محددة للتعامل مع المشكلات ، وتهدف إلى تزويد الطلبة بعدة استراتيجيات لحل المشكلات في المجالات المعرفية المختلفة ، والتي يمكن تطبيقها بعد توعية الطلبة بالشروط الخاصة الملائمة لكل مجال . وهي تقوم على إعادة بناء المشكلة ، وتمثيل المشكلة بالرموز والصور والرسم البياني .
5 ـ برامج تعليم التفكير المنهجي :
تتبنى هذه البرامج منحنى بياجيه في التطور المعرفي ، وتهدف إلى تزويد الطلبة بالخبرات والتدريبات التي تنقلهم من مرحلة العمليات المادية إلى مرحلة العمليات المجردة التي يبدأ فيها تطور التفكير المنطقي والعلمي ، وتركز على الاستكشاف ومهارات التفكير والاستدلال ، والتعرف على العلاقات ضمن محتوى المواد الدراسية التقليدية .