3.3- المعارف أم المفاهيم ؟
إن التركيز على المتعلم والعناية باختلاف التلاميذ في قدراتهم وتنوع أساليبهم في التفكير و العمل , لا يتناقض بالضرورة مع التركيز في نفس الوقت , على المعارف و المحتويات المدرسية . لكن هذا لا يعني الحنين إلى الممارسات التقليدية والرجوع إلى تفضيل المعرفة على حساب الأهداف التربوية ، كما هو الحال في النموذج التقليدي المنقرض ، بل اتخذ هذا التوجه منحى الاهتمام بالمفاهيم .
إن المفاهيم لم يعد ينظر إليها كمكونات معرفية نهائية وثابتة بل ينظر إليها باعتبارها إمكانيات أو استعدادات لتفكير غني و فعال وباعتبارها أيضا , أدوات وظيفية (إجرائية وعملية) تفتح أبواب فهم العالم ( الطبيعة و المجتمع ) وشفرات لفك رموز الكون و ظواهره . فتصير المفاهيم العمود الفقري في المواد الدراسية .(*)
إن نجاح أعمال بريت- ماري بات ( 1997 - Britt-Mari Bath ) يشهد على هذا الاهتمام الحالي بالتركيز على المفاهيم , و التي تقترح استراتيجيات لتجنب بقاء الفصل حبيس الأمثلة المدرسية المكررة وأنشطة التطبيق الروتينية .
لكن ما ينبغي التذكير به هنا ، هو أن تعلم المفاهيم ينبغي أن يتم بموازاة مع تعلم أسلوب حل المشكلات , إذ لا يتعلق الأمر فقط بإكساب التلاميذ كيفية حل المشكلات بل يتعلق أيضا بتعليمهم كيفية طرح الأسئلة وصياغة المشكلات .
* * *
و نشير إلى أننا وجدنا بهذا الخصوص ، في المناهج العمانية ، ما يواكب هذه الحقائق و يوظفها في تعليم مختلف المواد الدراسية وخاصة العلوم . ويمكن أن نقرأ على سبيل المثال ، في دليل المعلم في العلوم( للصف الثالث الإعدادي ):
" تمتاز المعرفة العلمية بالوحدة و التكامل ، و التكامل الذي نقصده هو التعامل مع الموقف ككل دون محاولة تجزئته إلى المجالات المتخصصة ، خاصة أن المتعلم في هذه المرحلة ( الإعدادي ) لا يعنيه إذا كانت الطاقة مثلا ، مرتبطة بمجال الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء ، بقدر ما يعنيه معرفة مفهوم الطاقة و أثرها ، ولذلك عولج مفهوم التلوث ككل فهو يحتوي على مفاهيم كيميائية و بيولوجية و فيزيائية متكاملة في وحدة واحدة " .
فيتم النظر إذن ، إلى بعض المواد المتقاربة كحقول أو مجالات واسعة بحيث تصير المفاهيم هي العمود الفقري في تلك المواد. (منهاج التكامل بين المواد و منهاج المجالات الواسعة) ." مما يؤكد أن التكامل بين المواد وفي المحتويات، ينبغي أن يتم أساسا و حسب هذا المنظور ، بالربط بين المفاهيم في مادة دراسية معينة و المفاهيم في المواد الدراسية الأخرى ، مع مراعاة أن ترتبط المفاهيم ، على قدر الإمكان ،بواقع التلميذ وباحتياجاته ".
4.3- المعارف أم الكفايات ؟
كما ظهرت تيارات بحثية أخرى ، تفضل التركيز على موضوع الكفايات ( * ).
و المقصود بالكفايات " تشكيلة من قدرات معرفية و مهارية ووجدانية ، كلما تمكن الفرد منها إلا وكان قادرا على توظيفها في سياقات كثيرة بعدما ارتبطت في بداية تشكلها واكتسابها بسياق واحد أو بمادة دراسية واحدة ".
ولعل من أهم أسباب النجاح الباهر الذي لقيته تلك التيارات , هو أن الكفايات تتميز عن المعارف من حيث العمل على احترام الرغبة الملحة في تمكين التلميذ من أدوات فكرية قابلة للنقل و التحويل(شبيه بما يعرف في علم النفس التربوي بانتقال أثر التدريب، كانتقال أثر التدريب بين اللغات ، فتعلم إحداها يساعد في تعلم الأخرى ). الأمر الذي لا تسمح به دائما المعارف و محتويات المواد الدراسية . وشكل هذا الاختيار أهم تحد بالنسبة للطرق المعروفة بطرق التربية الفكرية و التي وضعت أساسا لفائدة الجمهور العريض والذي كان يعاني من مشاكل مع المؤسسات المدرسية. وأيضا لفائدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم أو الراشدين الذين لا يتمكنون من التأقلم مع تطور المهن و يعجزون عن تحويل ونقل خبرتهم من مجال تكوينهم الأصلي إلى مجالات مهنية جديدة.
وتهدف تلك الطرق والتقنيات والتي عرفت نجاحا كبيرا في الثمانينات من القرن الماضي , إلى العمل على ولوج وبشكل مباشر , العمليات العقلية وتطويرها ، مع السعي نحو التخلص من إشكالية المعرفة ومحتويات المواد الدراسية. وكمثال على تلك الطرق و التقنيات ، نجد برنامج " الإغناء المفاهيمي " و كذا ما يعرف "بمعامل تطوير التفكير المنطقي " وبرنامج " كورت " في اكساب مهارات التفكير وتنمية المواهب.. .
كما أن الكفايات تتميز و تمتاز عن المهارات المهنية والتي عادة ما تصنف في لوائح جامدة لا تساير التحولات السريعة في مجال المهن ولا تساير ما أصبح مطلوبا من مرونة في العمل.
* * *
لقيت مثل هذه الطروحات أصداء لها في أنظمتنا التعليمية ، إذ نلاحظ أن مدخل الكفايات هو المعتمد حاليا في إعداد برامج تكوين المعلمين بكليات التربية في معظم البلدان العربية بما فيها سلطنة عمان، خاصة برامج التربية العملية .
لكننا نلاحظ أيضا ، أن هذا المدخل لم ينتقل بعد ، لتنظيم المناهج الدراسية الموجهة للتلاميذ ، ما عدا في عدد محدود من الدول و من بينها المغرب ، حيث ما زالت البرامج تبنى إما وفق المعرفة أو وفق مدخل الأهداف السلوكية وذلك على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي يعاني منها المدرسون و الموجهون التربويون أنفسهم ، في تعاملهم مع المدخل السلوكي ( محمد الدريج ، 2004 ).
و للتذكير فقد أوصى المجتمعون في ندوة "الأوزان النسبية للمواد الدراسية " ، التي أقيمت في مملكة البحرين (10-14 مايو 2003) وشاركت فيها وفود تربوية من جميع دول مجلس التعاون الخليجي ، " بعدم التقيد في بناء المناهج بمدخل واحد فقط أي بالمعرفة أو الأهداف أو الكفايات ، و أوصوا بأن يبنى المنهاج باعتماد هذه المداخل بدون انفصال ، لأنها تكمل بعضها البعض و تعطي قوة للمنهاج ". و أوصوا كذلك " بالبحث في إمكانية دمج بعض المواد الدراسية التي تحقق كفايات متشابهة للاستفادة من الزمن الدراسي للمواد التي تناسب تطور العصر".
كما اقترح المشاركون في المؤتمر الدولي حول تطوير التعليم الثانوي ، الملتئم بمسقط ( أيام 22-24 ديسمبر 2002 ) ، بخصوص نماذج المناهج " أن ما يمكن أن يتعلمه الطالب بشكل فعال في المدرسة ، من الأفضل أن يكون محددا بمجموعة من الكفايات العامة الشاملة و الضرورية لكافة أنواع المهن و القابلة للتطبيق في عدد كبير من الظروف . إن مثل هذه الكفايات بدأت تظهر في عمليات التطوير الأخيرة للأنظمة التعليمية ." ( عن وثيقة تطوير التعليم الثانوي ، منشورات وزارة التربية و التعليم ، مسقط ، مارس 2003 ، ص.10).
4 - تنظيمات معاصرة للمنهاج الدراسي
كما أسلفنا ، يذهب العديد من علماء المنهاج إلى أن التطوير الناجح و الإصلاح الشامل للأنظمة التعليمية ، لا يمكن أن يكتمل إلا إذا شمل نموذج تنظيم منهاجها الدراسي ، فأنجزوا العديد من البحوث التي انتهت إلى اقتراح نماذج لتنظيمات منهاجية جديدة ، تحاول فك العزلة عن المدارس والتي بقيت منغلقة وحبيسة منهاج المواد ، خاصة منهاج المواد المنفصلة والذي يتميز بتركيزه الشديد على المحتويات المعرفية في شتى العلوم و بشكل مستقل ، و التعامل مع المقررات كجزر منعزلة و تهميشه للطلاب وتجاهل فروقهم الفردية واحتياجاتهم وميولهم .
كما أدت تلك الأبحاث إلى تميز ثلاثة منظورات أساسية في بناء و تطوير المناهج ، وهي :
1- المنظور المتمركز على المعرفة .
2- المنظور المتمركز على التلميذ .
3- المنظور المتمركز على المجتمع .
و أفرزت تلك المنظورات ، العديد من المناهج التي أصبحت تستجيب لمختلف التحولات ، خاصة ما ارتبط منها بالتحول في المشهد التربوي . فظهر المنهاج المحوري الذي يركز على احتياجات التلاميذ و مشكلاتهم . كما نشأ المنهاج الفعال و منهاج النشاط و الذي يركز على ميول الطلاب واستعداداتهم و ينطلق من تعريف المنهج باعتباره مجموعة من خبرات مترابطة و متكاملة ، توفرها المدرسة للطلاب ، قصد مساعدتهم على النمو الشامل ، وحيث أن الطالب لا يمكنه المرور بالخبرات إلا إذا قام بنشاط معين ، فمعنى ذلك أن النشاط يصبح أمرا حيويا لا غنى عنه في تحقيق الأهداف التربوية .
كما ظهر منهاج الا ندماج الذي يدمج دمجا كاملا بين مادتين متقاربتين و منهاج المجالات الواسعة و هو المنهاج الذي يدمج عددا من المواد المتقاربة الموضوع في مادة واسعة ( قطب أو مجال ) ، مثل دمج التاريخ و الجغرافيا و التربية الوطنية و الاقتصاد تحت اسم الدراسات الاجتماعية .
وفي العقود الأخيرة كثر الحديث عن أصناف أخرى من المناهج تصنف وفق معايير و منظورات مختلفة ، مثل المنهاج التكنولوجي و منهاج الاتصال التفاعلي و المنهاج الاخلاقي و المنهاج القومي و المنهاج التكعيبي و المنهاج الحلزوني و المنهاج الشمولي و المنهاج العالمي . . . ( انظر للمزيد : وليم عبيد و مجدي عزيز ابراهيم ، 1999وكذلك وليد هوانه 1998 ).
و سنقتصر في هذا العنوان ، على التعريف ببعض التنظيمات المعاصرة للمناهج على سبيل المثال ،وخاصة المنهاج التكنولوجي و ما أثاره من انتقادات تمخض عنها ظهور مناهج أكثرارتباطا بقضايا الإنسان و أقل ميلا إلى التنظيمات الانتاجية و التفكير الآلي و" مكننة " التعليم .
أ
إن التركيز على المتعلم والعناية باختلاف التلاميذ في قدراتهم وتنوع أساليبهم في التفكير و العمل , لا يتناقض بالضرورة مع التركيز في نفس الوقت , على المعارف و المحتويات المدرسية . لكن هذا لا يعني الحنين إلى الممارسات التقليدية والرجوع إلى تفضيل المعرفة على حساب الأهداف التربوية ، كما هو الحال في النموذج التقليدي المنقرض ، بل اتخذ هذا التوجه منحى الاهتمام بالمفاهيم .
إن المفاهيم لم يعد ينظر إليها كمكونات معرفية نهائية وثابتة بل ينظر إليها باعتبارها إمكانيات أو استعدادات لتفكير غني و فعال وباعتبارها أيضا , أدوات وظيفية (إجرائية وعملية) تفتح أبواب فهم العالم ( الطبيعة و المجتمع ) وشفرات لفك رموز الكون و ظواهره . فتصير المفاهيم العمود الفقري في المواد الدراسية .(*)
إن نجاح أعمال بريت- ماري بات ( 1997 - Britt-Mari Bath ) يشهد على هذا الاهتمام الحالي بالتركيز على المفاهيم , و التي تقترح استراتيجيات لتجنب بقاء الفصل حبيس الأمثلة المدرسية المكررة وأنشطة التطبيق الروتينية .
لكن ما ينبغي التذكير به هنا ، هو أن تعلم المفاهيم ينبغي أن يتم بموازاة مع تعلم أسلوب حل المشكلات , إذ لا يتعلق الأمر فقط بإكساب التلاميذ كيفية حل المشكلات بل يتعلق أيضا بتعليمهم كيفية طرح الأسئلة وصياغة المشكلات .
* * *
و نشير إلى أننا وجدنا بهذا الخصوص ، في المناهج العمانية ، ما يواكب هذه الحقائق و يوظفها في تعليم مختلف المواد الدراسية وخاصة العلوم . ويمكن أن نقرأ على سبيل المثال ، في دليل المعلم في العلوم( للصف الثالث الإعدادي ):
" تمتاز المعرفة العلمية بالوحدة و التكامل ، و التكامل الذي نقصده هو التعامل مع الموقف ككل دون محاولة تجزئته إلى المجالات المتخصصة ، خاصة أن المتعلم في هذه المرحلة ( الإعدادي ) لا يعنيه إذا كانت الطاقة مثلا ، مرتبطة بمجال الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء ، بقدر ما يعنيه معرفة مفهوم الطاقة و أثرها ، ولذلك عولج مفهوم التلوث ككل فهو يحتوي على مفاهيم كيميائية و بيولوجية و فيزيائية متكاملة في وحدة واحدة " .
فيتم النظر إذن ، إلى بعض المواد المتقاربة كحقول أو مجالات واسعة بحيث تصير المفاهيم هي العمود الفقري في تلك المواد. (منهاج التكامل بين المواد و منهاج المجالات الواسعة) ." مما يؤكد أن التكامل بين المواد وفي المحتويات، ينبغي أن يتم أساسا و حسب هذا المنظور ، بالربط بين المفاهيم في مادة دراسية معينة و المفاهيم في المواد الدراسية الأخرى ، مع مراعاة أن ترتبط المفاهيم ، على قدر الإمكان ،بواقع التلميذ وباحتياجاته ".
4.3- المعارف أم الكفايات ؟
كما ظهرت تيارات بحثية أخرى ، تفضل التركيز على موضوع الكفايات ( * ).
و المقصود بالكفايات " تشكيلة من قدرات معرفية و مهارية ووجدانية ، كلما تمكن الفرد منها إلا وكان قادرا على توظيفها في سياقات كثيرة بعدما ارتبطت في بداية تشكلها واكتسابها بسياق واحد أو بمادة دراسية واحدة ".
ولعل من أهم أسباب النجاح الباهر الذي لقيته تلك التيارات , هو أن الكفايات تتميز عن المعارف من حيث العمل على احترام الرغبة الملحة في تمكين التلميذ من أدوات فكرية قابلة للنقل و التحويل(شبيه بما يعرف في علم النفس التربوي بانتقال أثر التدريب، كانتقال أثر التدريب بين اللغات ، فتعلم إحداها يساعد في تعلم الأخرى ). الأمر الذي لا تسمح به دائما المعارف و محتويات المواد الدراسية . وشكل هذا الاختيار أهم تحد بالنسبة للطرق المعروفة بطرق التربية الفكرية و التي وضعت أساسا لفائدة الجمهور العريض والذي كان يعاني من مشاكل مع المؤسسات المدرسية. وأيضا لفائدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات التعلم أو الراشدين الذين لا يتمكنون من التأقلم مع تطور المهن و يعجزون عن تحويل ونقل خبرتهم من مجال تكوينهم الأصلي إلى مجالات مهنية جديدة.
وتهدف تلك الطرق والتقنيات والتي عرفت نجاحا كبيرا في الثمانينات من القرن الماضي , إلى العمل على ولوج وبشكل مباشر , العمليات العقلية وتطويرها ، مع السعي نحو التخلص من إشكالية المعرفة ومحتويات المواد الدراسية. وكمثال على تلك الطرق و التقنيات ، نجد برنامج " الإغناء المفاهيمي " و كذا ما يعرف "بمعامل تطوير التفكير المنطقي " وبرنامج " كورت " في اكساب مهارات التفكير وتنمية المواهب.. .
كما أن الكفايات تتميز و تمتاز عن المهارات المهنية والتي عادة ما تصنف في لوائح جامدة لا تساير التحولات السريعة في مجال المهن ولا تساير ما أصبح مطلوبا من مرونة في العمل.
* * *
لقيت مثل هذه الطروحات أصداء لها في أنظمتنا التعليمية ، إذ نلاحظ أن مدخل الكفايات هو المعتمد حاليا في إعداد برامج تكوين المعلمين بكليات التربية في معظم البلدان العربية بما فيها سلطنة عمان، خاصة برامج التربية العملية .
لكننا نلاحظ أيضا ، أن هذا المدخل لم ينتقل بعد ، لتنظيم المناهج الدراسية الموجهة للتلاميذ ، ما عدا في عدد محدود من الدول و من بينها المغرب ، حيث ما زالت البرامج تبنى إما وفق المعرفة أو وفق مدخل الأهداف السلوكية وذلك على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي يعاني منها المدرسون و الموجهون التربويون أنفسهم ، في تعاملهم مع المدخل السلوكي ( محمد الدريج ، 2004 ).
و للتذكير فقد أوصى المجتمعون في ندوة "الأوزان النسبية للمواد الدراسية " ، التي أقيمت في مملكة البحرين (10-14 مايو 2003) وشاركت فيها وفود تربوية من جميع دول مجلس التعاون الخليجي ، " بعدم التقيد في بناء المناهج بمدخل واحد فقط أي بالمعرفة أو الأهداف أو الكفايات ، و أوصوا بأن يبنى المنهاج باعتماد هذه المداخل بدون انفصال ، لأنها تكمل بعضها البعض و تعطي قوة للمنهاج ". و أوصوا كذلك " بالبحث في إمكانية دمج بعض المواد الدراسية التي تحقق كفايات متشابهة للاستفادة من الزمن الدراسي للمواد التي تناسب تطور العصر".
كما اقترح المشاركون في المؤتمر الدولي حول تطوير التعليم الثانوي ، الملتئم بمسقط ( أيام 22-24 ديسمبر 2002 ) ، بخصوص نماذج المناهج " أن ما يمكن أن يتعلمه الطالب بشكل فعال في المدرسة ، من الأفضل أن يكون محددا بمجموعة من الكفايات العامة الشاملة و الضرورية لكافة أنواع المهن و القابلة للتطبيق في عدد كبير من الظروف . إن مثل هذه الكفايات بدأت تظهر في عمليات التطوير الأخيرة للأنظمة التعليمية ." ( عن وثيقة تطوير التعليم الثانوي ، منشورات وزارة التربية و التعليم ، مسقط ، مارس 2003 ، ص.10).
4 - تنظيمات معاصرة للمنهاج الدراسي
كما أسلفنا ، يذهب العديد من علماء المنهاج إلى أن التطوير الناجح و الإصلاح الشامل للأنظمة التعليمية ، لا يمكن أن يكتمل إلا إذا شمل نموذج تنظيم منهاجها الدراسي ، فأنجزوا العديد من البحوث التي انتهت إلى اقتراح نماذج لتنظيمات منهاجية جديدة ، تحاول فك العزلة عن المدارس والتي بقيت منغلقة وحبيسة منهاج المواد ، خاصة منهاج المواد المنفصلة والذي يتميز بتركيزه الشديد على المحتويات المعرفية في شتى العلوم و بشكل مستقل ، و التعامل مع المقررات كجزر منعزلة و تهميشه للطلاب وتجاهل فروقهم الفردية واحتياجاتهم وميولهم .
كما أدت تلك الأبحاث إلى تميز ثلاثة منظورات أساسية في بناء و تطوير المناهج ، وهي :
1- المنظور المتمركز على المعرفة .
2- المنظور المتمركز على التلميذ .
3- المنظور المتمركز على المجتمع .
و أفرزت تلك المنظورات ، العديد من المناهج التي أصبحت تستجيب لمختلف التحولات ، خاصة ما ارتبط منها بالتحول في المشهد التربوي . فظهر المنهاج المحوري الذي يركز على احتياجات التلاميذ و مشكلاتهم . كما نشأ المنهاج الفعال و منهاج النشاط و الذي يركز على ميول الطلاب واستعداداتهم و ينطلق من تعريف المنهج باعتباره مجموعة من خبرات مترابطة و متكاملة ، توفرها المدرسة للطلاب ، قصد مساعدتهم على النمو الشامل ، وحيث أن الطالب لا يمكنه المرور بالخبرات إلا إذا قام بنشاط معين ، فمعنى ذلك أن النشاط يصبح أمرا حيويا لا غنى عنه في تحقيق الأهداف التربوية .
كما ظهر منهاج الا ندماج الذي يدمج دمجا كاملا بين مادتين متقاربتين و منهاج المجالات الواسعة و هو المنهاج الذي يدمج عددا من المواد المتقاربة الموضوع في مادة واسعة ( قطب أو مجال ) ، مثل دمج التاريخ و الجغرافيا و التربية الوطنية و الاقتصاد تحت اسم الدراسات الاجتماعية .
وفي العقود الأخيرة كثر الحديث عن أصناف أخرى من المناهج تصنف وفق معايير و منظورات مختلفة ، مثل المنهاج التكنولوجي و منهاج الاتصال التفاعلي و المنهاج الاخلاقي و المنهاج القومي و المنهاج التكعيبي و المنهاج الحلزوني و المنهاج الشمولي و المنهاج العالمي . . . ( انظر للمزيد : وليم عبيد و مجدي عزيز ابراهيم ، 1999وكذلك وليد هوانه 1998 ).
و سنقتصر في هذا العنوان ، على التعريف ببعض التنظيمات المعاصرة للمناهج على سبيل المثال ،وخاصة المنهاج التكنولوجي و ما أثاره من انتقادات تمخض عنها ظهور مناهج أكثرارتباطا بقضايا الإنسان و أقل ميلا إلى التنظيمات الانتاجية و التفكير الآلي و" مكننة " التعليم .
أ