بحبك يا مصر - فريق قياس الجودة - إدارة حدائق القبة التعليمية

ًسعداء بزيارتكم ويسرنا نقدكم ومقترحاتكم...

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بحبك يا مصر - فريق قياس الجودة - إدارة حدائق القبة التعليمية

ًسعداء بزيارتكم ويسرنا نقدكم ومقترحاتكم...

بحبك يا مصر - فريق قياس الجودة - إدارة حدائق القبة التعليمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات فريق قياس الجودة - إدارة حدائق القبة التعليمية Q. M. Team H. K. A. Fora


    معالم تربوية (3)

    هانى حسبو
    هانى حسبو


    عدد المساهمات : 310
    تاريخ التسجيل : 21/02/2009

    معالم تربوية (3) Empty معالم تربوية (3)

    مُساهمة  هانى حسبو الأحد مايو 10, 2009 12:50 pm

    ثم ما أعظم ورع الصحابة والتزامهم الحق.. فهم يعلمون يقينًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقًا، ولكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا شاهدين, لذا فكان من جاء منهم لم يزد على أن يقول للأعرابي: ويلك! إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليقول إلا حقًا. حتى جاء خزيمة وباجتهاده في المسألة عرف أنه يجوز الشهادة على حدوث ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يره لِما قام من الأدلة القاطعة على صدقه صلى الله عليه وسلم وانتفاء الكذب عنه صلى الله عليه وسلم، ولولا أن الله ساق خزيمة في هذا الوقت للإدلاء بهذه الشهادة ما ألزم النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي بشيء. فهل نستفيد من ذلك أن نطهر أنفسنا من الجبروت والغرور والكبر وإدعاء العصمة..


    اليوم في كل منازعة يريد منك كل طرف من الطرفين أن يلزمك بتصديقه دون نقاش, ويغضب غضبًا شديدًا بمجرد شعوره أنك تفكر في بينة، أو أنك تريد أن تسمع من خصمه كما سمعت منه.. وقد يكون أقل تقوى وأدبًا من خصمه, ولكنه كأنما اعتقد في نفسه العصمة, ويريد أن يجعل لنفسه من الحقوق ما لم يجعله صلى الله عليه وسلم لنفسه. الحقيقة أننا بهذا نريد أن نكون جبابرة لا هداة مهتدين.


    وربما وجدنا كذلك أن البعض لا يتحملون أن يناقشهم أحد فيما يقولونه، يريدون أن يؤخذ كلامهم كالقرآن, ويكرهون أن يراجعهم أحد في شيء, بل ربما كره بعض المعلمين ذكاء المتعلم وحقدوا عليه وغاروا منه، بينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متواضعًا واسع الصدر, مع ما له من المكانة العالية عند الله جل وعلا، وكان يقول الشيء فيراجعه فيه أصحابه فلا يضيق بهم, بل يبين لهم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((من نوقش الحساب عذب))، فقالت عائشة رضي الله عنها: أوليس الله تعالى يقول: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} [الانشقاق: 8]؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((إنما ذلك العرض، من نوقش الحساب عذب)) ـ أو كما قال صلى الله عليه وسلم.


    ولما قال عليه الصلاة والسلام: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً))، قالت رضي الله عنها: ينظر بعضهم إلى عورة بعض؟! قال: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37]. ولما أتاه أعرابي فجذبه من ردائه وقال: يا محمد أعطني من مال الله، فإنه ليس مال أبيك ولا مال أمك, لم يزل صلى الله عليه وسلم يعطيه حتى رضي. وقال أنس رضي الله عنه: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفٍ قط. فما أحلمه صلى الله عليه وسلم, وما أوسع صدره!!


    ولما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين في الحديبية على أن من أسلم منهم رده صلى الله عليه وسلم إليهم, ومن ارتد لم يردوه إليه. فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله أولسنا بالمسلمين؟ فلا يضيق به صلى الله عليه وسلم, بل يجيبه: ((بلى))، فيقول عمر: أوليسوا بالمشركين؟ فيسترسل معه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجيبه: ((بلى))، فيقول عمر: فلمَ نعطي الدنية في ديننا؟!


    بل تأمّل حلمه العظيم صلى الله عليه وسلم وتحمله للجفاء والاستسفارات الغاضبة المندفعة فيما رواه البخاري عن ابن عمر قال: لما توفي عبد الله بن أُبي جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فسأله أن يعطيه قمصيه يكفن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما خيرني الله فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]، وسأزيده على السبعين)) قال: إنه منافق. قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84].


    وللإمام أحمد عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما توفي عبد الله بن عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه، فقام إليه, فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره، فقلت: يا رسول الله، أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا كذا وكذا ـ يعدد أيامه؟ قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم، حتى إذا أكثرت عليه قال: ((أخر عني يا عمر، إني خيرت فاخترت، قد قيل لي: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ...} الآية. لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت))، قال: ثم صلى ومشى معه وقام على قبره حتى فرغ منه. قال: فعجبت من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم. (وانظر ابن كثير 2/362).


    والحديث ليس بحاجة إلى تعليق.. ولا يبقى إلا أن نقول: هل لنا أن نطهر أنفسنا من الكبر والتعالي، وهل تتسع صدورنا لبعضنا؟! وهل نتحمل الاستفسارات والاعتراضات، وهل نتحلى بالحلم والتواضع والعفو والصبر ونتأسى بشمائله صلى الله عليه وسلم ونهتدي بهديه.. اللهم أعنّا على ذلك.. وأصلح فساد قلوبنا.. وتوفنا على ما توفيت عليه محمدًا صلى الله عليه وسلم وصحبه.


    المصدر: جريدة المصريون

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 12:44 pm